
وفقًا لما نشره موقع “أكسيوس” الأمريكي، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليكرر مزاعمه المثيرة حول إنجازاته في مجال السلام، حيث أكد أنه أنهى “ست حروب” خلال فترة رئاسته الأولى، معربًا عن رغبته في التوسط لإبرام اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، واصفًا النزاع المستمر بينهما بأنه “الحرب السابعة” التي يسعى لوقفها.هذه التصريحات جاءت في وقت يسعى فيه ترامب إلى تعزيز صورته كـ”صانع سلام” محوري، في محاولة لدعم ملف ترشيحه لجائزة نوبل للسلام، التي لطالما طمح للفوز بها. إلا أن هذه المزاعم أثارت جدلاً واسعًا بين المحللين والنقاد الذين يشككون في فعالية قراراته السياسية، خصوصًا في ظل تدخله العسكري في قصف إيران وتعاطيه مع الأزمات الساخنة في أوكرانيا وغزة.
الحروب الستة وفقًا لترامب
خلال حديثه مع الصحفيين، أشار ترامب إلى أنه تمكن من إيقاف ست حروب خلال فترة رئاسته، مضيفًا أنه كان يعتقد في البداية أن ذلك سيكون “الخيار الأسهل”، وأنه في يوليو الماضي “نجح تقريبًا في إنهاء حرب واحدة كل شهر”. ويؤكد موقع “أكسيوس” أن ترامب أشرف على اتفاقيات مؤقتة أو جزئية على الأقل في ستة صراعات مختلفة، وقد أكد البيت الأبيض صحة هذه القائمة التي تضم النزاعات الستة.
أرمينيا وأذربيجان: طريق ترامب للسلام
في أغسطس 2025، شهد البيت الأبيض توقيع اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان، بعد صراعات حدودية مستمرة منذ أواخر الثمانينيات، تصاعدت بشكل كبير عام 2023 عندما سيطرت أذربيجان على إقليم ناجورنو كاراباخ. نص الاتفاق على فتح طريق عبور رئيسي أطلق عليه اسم “طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين”. ورغم تفاؤل ترامب بأن البلدين سيظلان “صديقين لفترة طويلة”، إلا أن الاتفاق واجه معارضة من إيران وروسيا، اللتين عبرتا عن مخاوفهما من تأثير التغييرات الجيوسياسية في المنطقة.
الكونغو ورواندا: هدنة هشّة
في يونيو 2025، تم توقيع اتفاق سلام في البيت الأبيض بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، بهدف إنهاء النزاعات الحدودية التي تسببت في نزوح ملايين الأشخاص. وعبّر ترامب آنذاك عن تفاؤله قائلاً: “انتهى العنف والدمار وبدأ فصل جديد من الأمل والسلام”. لكن للأسف، لم يدم الاتفاق طويلًا، إذ تبادلت القوات الكونغولية وجماعة “إم 23” المدعومة من رواندا الاتهامات بخرق الاتفاق عبر هجمات متبادلة، ما يشير إلى هشاشة هذا الإنجاز.
إسرائيل وإيران: قصف وضغوط دبلوماسية
في يونيو أيضًا، اندلعت حرب قصيرة بين إسرائيل وإيران استمرت 12 يومًا، تخللتها ضربة عسكرية أمريكية على إيران قادها ترامب، بهدف إضعاف البرنامج النووي الإيراني. وصف البيت الأبيض هذا التدخل بـ”النجاح”، لكنه أثار انتقادات كبيرة بسبب استمرار التوترات في المنطقة. في الوقت نفسه، أعلنت إسرائيل أنها تحتفظ بحق مهاجمة إيران إذا عادت إلى تطوير برنامجها النووي، بينما حاول ترامب الدفع بمفاوضات نووية جديدة لم تسفر عن تقدم ملحوظ.
الهند وباكستان: محاولة لوقف النار
في مايو 2025، تدخل ترامب لوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بعد هجمات شنها الجيش الهندي على أهداف في باكستان عقب هجوم إرهابي في كشمير. أعلن ترامب عن وقف إطلاق نار “كامل وفوري”، مؤكدًا أنه استخدم أدوات الضغط التجاري مع الولايات المتحدة لإقناع الطرفين بوقف القتال. ومع ذلك، رفضت الهند أي وساطة أجنبية، مما صعّب من فرص نجاح هذه الوساطة وجعلها عرضة للنقد.
كمبوديا وتايلاند: هدنة غير مستقرة
وفي يوليو، توصلت كمبوديا وتايلاند إلى وقف إطلاق نار غير مشروط بعد خمسة أيام من القتال عبر الحدود خلف مئات القتلى وآلاف النازحين. تم التوقيع على الاتفاق في ماليزيا بعد ضغوط من ترامب، الذي هدد بوقف الصفقات التجارية مع البلدين. رغم ذلك، تعرضت الهدنة لاختبارات مستمرة بسبب تبادل الاتهامات بهجمات متكررة، فيما حثت الصين الطرفين على التوصل إلى سلام دائم.
صربيا وكوسوفو: اتفاقية واشنطن المحدودة
في 2020، توسطت إدارة ترامب في توقيع “اتفاقية واشنطن” بين صربيا وكوسوفو، التي هدفت إلى تطبيع العلاقات الاقتصادية بشكل محدود. رغم ذلك، لا تزال التوترات المرتبطة بالهوية الوطنية والنزاعات الإقليمية قائمة، ويستمر حلف شمال الأطلسي (الناتو) في حث الطرفين على استئناف المحادثات لتحقيق حل دائم.رغم أن ترامب يروج لنفسه كصانع سلام ناجح، إلا أن الوقائع تشير إلى أن العديد من هذه الاتفاقيات والهدنات كانت هشّة وغير مستدامة، وغالبًا ما انهارت بسبب خروقات أو استمرار التوترات. كما أن تدخلاته العسكرية والسياسية أحيانًا زادت من تعقيد الأزمات، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية وواقعية أهدافه في إحلال السلام.