مليارات معرضة للخسارة.. برنامج الطائرات المسيرة البحرية الأمريكية لمواجهة الصين يواجه الصعوبات.

مليارات معرضة للخسارة.. برنامج الطائرات المسيرة البحرية الأمريكية لمواجهة الصين يواجه الصعوبات.

شهدت اختبارات بحرية أجرتها البحرية الأميركية قبالة سواحل كاليفورنيا الشهر الماضي حادثاً محرجاً، حينما تعطّل أحد الزوارق المسيّرة فجأة بسبب خلل برمجي، قبل أن يصطدم به زورق مسيّر آخر ويقفز فوق سطحه ثم يسقط مجدداً في المياه، وقد وثّقت مقاطع فيديو –وفقاً لرويترز– هذه الحادثة التي كشفت عن مشكلات جدّية تواجه برنامج تطوير الأسطول الذاتي للولايات المتحدة.

إخفاقات متكررة ومخاوف متصاعدة

قبل أسابيع من الحادثة، تعرّض قبطان سفينة دعم لحادث خطير بعدما انقلب قاربه نتيجة تسارع مفاجئ لزورق مسيّر كان يجرّه، ما أدى إلى سقوطه في البحر، وقد أُنقذ القبطان لكنه رفض تلقي علاج طبي، بحسب أربعة أشخاص على اطلاع بالواقعة.

الجيش الأميركي، الذي تابع عن كثب الدور اللافت للطائرات والزوارق المسيّرة في الحرب الأوكرانية، يرى أن الاعتماد على أسراب من هذه الأنظمة سيكون ضرورياً لإعاقة أي محاولة صينية محتملة لعبور مضيق تايوان، تايبيه بدورها بدأت في تطوير وشراء زوارق مسيّرة قتالية.لكن الفارق أن الأنظمة الأوكرانية تُشغّل عن بُعد وتُستخدم كـ«انتحارية» منخفضة الكلفة (نحو 250 ألف دولار للزورق)، بينما تسعى الولايات المتحدة إلى تطوير زوارق ذاتية الحركة بالكامل قادرة على العمل دون أوامر بشرية، بتكلفة قد تصل إلى ملايين الدولارات للوحدة الواحدة.

أزمات تنظيمية وعقود معلّقة

المشكلات لم تتوقف عند الجانب الفني، فالبحرية الأميركية تواجه اضطراباً داخلياً بعد إقالة قائد برنامج شراء الزوارق المسيّرة، الأميرال كيفن سميث، بسبب «فقدان الثقة بقيادته»، كما أوقف البنتاغون عقداً بقيمة تقارب 20 مليون دولار مع شركة L3Harris، المسؤولة عن برمجيات التحكم، في أعقاب الحوادث الأخيرة.وقال برايان كلارك، خبير الحروب الذاتية في معهد هدسون: «البحرية ستحتاج إلى إعادة النظر في تكتيكاتها بعدما تبيّن أن هذه الأنظمة لا تزال محدودة القدرة، ولا يمكن الاعتماد عليها بالكامل».

مليارات تُنفق ومخاوف من الفشل

في عام 2023 أطلق البنتاغون برنامج Replicator بقيمة مليار دولار، بهدف تزويد فروع الجيش الأميركي بآلاف الطائرات والزوارق المسيّرة، البحرية خصّصت وحدها ما لا يقل عن 160 مليون دولار لشركة BlackSea، التي تنتج عشرات الزوارق شهرياً، أما شركة Saronic، التي تقدر قيمتها السوقية بنحو 4 مليارات دولار، فما زالت في مرحلة العقود الأولية.وتعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد عودته إلى البيت الأبيض، بجعل تطوير أسراب المسيّرات أولوية عسكرية قصوى، إذ تضمّن «قانونه الدفاعي الكبير» الأخير نحو 5 مليارات دولار للأنظمة البحرية الذاتية.لكن على الرغم من الدعم المالي والسياسي، يواجه المشروع انتقادات واسعة داخل وزارة الدفاع، فقد أعرب نائب وزير الدفاع ستيفن فينبرغ الشهر الماضي عن شكوكه حيال جدوى هذه البرامج وكفاءتها، خلال اجتماع مغلق مع كبار ضباط البحرية، بحسب مصادر مطلعة.

تحديات تغيير عقيدة بحرية عمرها عقود

يرى خبراء أن البحرية الأميركية تجد نفسها أمام تحدٍ يتمثل في تغيير عقيدة عسكرية مترسخة منذ عقود.يقول ت. إكس. هامز، الباحث في المجلس الأطلسي وخبير الأسلحة الذاتية: «إنها مؤسسة اعتادت على بناء حاملات طائرات ومدمّرات ضخمة تستغرق سنوات لتصميمها، والآن يُطلب منها التحوّل إلى الابتكار السريع والعمل بأنظمة صغيرة ومرنة، هذا انتقال صعب للغاية».وبينما تتسابق شركات التكنولوجيا الدفاعية الأميركية على الفوز بعقود بمليارات الدولارات لبناء غواصات مسيّرة وسفن شحن آلية، يبقى الأسطول المسيّر للبحرية الأميركية، حتى الآن، مشروعاً طموحاً يواجه اختبارات صعبة ومصيراً غامضاً.(رويترز)

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *