مسؤول في جهاز الإحصاء يكشف عن انخفاض غير مسبوق في معدلات البطالة بمصر: هل يحمل هذا التراجع بشرى لمستقبل الاقتصاد المصري؟
كشف أحمد ماهر، محلل دراسات بيانات سوق العمل في الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن تراجع معدلات البطالة في مصر إلى مستوى غير مسبوق، حيث أظهرت أحدث الأرقام الرسمية أن معدل البطالة في الربع الثاني من عام 2025 بلغ 6.1%، وهو أدنى رقم تم تسجيله على مدى السنوات العشر الأخيرة، إذ تجاوز معدل البطالة في عام 2013 حاجز الـ13%، ومع بداية عام 2014 شهدنا انخفاضًا تدريجيًا زادت فيه الإصلاحات الاقتصادية من تقليل نسب البطالة حتى الوصول إلى المعدل الحالي.
كما أشار أحمد ماهر في حواره مع “اليوم السابع” إلى مجموعة من العوامل التي تلعب دورًا رئيسيًا في تحركات معدل البطالة، ومن أبرزها عدد السكان في سن العمل والمتمثل في الأفراد الذين تتجاوز أعمارهم 15 عامًا، فضلاً عن عدد الخريجين الذين يدخلون سنويًا سوق العمل، بالإضافة إلى مؤشرات التعليم الأساسي، والعوامل الموسمية التي تؤثر على فرص التوظيف، مثل بداية العام الدراسي التي تتيح مجموعة من فرص العمل تنتهي مع نهايته.
وعلى سبيل المثال، يعتبر الربع الثالث من كل عام فترة موسمية تلاحق فيها زيادة ملحوظة في أعداد الخريجين، الأمر الذي يسهم في تغير معدل البطالة، كما حدث في عام 2024 عندما شهدنا انخفاضًا في البطالة بالربع الثاني لكن ارتفاع عدد الخريجين أعاد المؤشر للارتفاع في الربع الثالث بسبب تدفق الباحثين عن العمل.
وأضاف ماهر أن فترة الربع الثاني من العام الحالي شهدت تراجعًا مستمرًا في معدل البطالة، حيث سجل 6.1%، أي بتراجع يبلغ 0.2% عن الربع السابق، وذلك بفضل الأنشطة الاقتصادية التي استوعبت عمالة جديدة، ومن بين هذه الأنشطة برزت الزراعة والصيد التي استقبلت نحو 337 ألف فرصة عمل جديدة، تلتها أنشطة النقل والتخزين التي وفرت 82 ألف فرصة، ثم التشييد والبناء والذي أضاف نحو 44 ألف فرصة، وأخيرًا الصناعات التحويلية مع 17 ألف فرصة.
وفيما يتعلق بالعوامل التي أدت لتراجع البطالة مؤخرًا، أكد مسؤول الإحصاء أن جهاز الإحصاء يركز على جمع البيانات بدلاً من تفسيرها، لكن إذا نظرنا إلى معدلات البطالة على مدار السنوات الخمس الماضية، نجد أن هناك نشاطات اقتصادية مثل التشييد والبناء والتجارة والصناعات التحويلية قد شهدت فرص عمل تراكمية واضحة.
وأوضح أحمد ماهر أنه لحساب تطور فرص العمل في مصر، يجب أن يتم ذلك سنويًا لتقييم الزيادة الحقيقية في عدد المشتغلين وتجنب التأثيرات الموسمية، حيث حققنا في نهاية عام 2024 زيادة في عدد المشتغلين بمقدار 969 ألف مُشتغل، 615 ألف منهم من الذكور و354 ألف من الإناث، مع ملاحظة أن نشاط الزراعة والصيد قد وفر حوالي 311 ألف فرصة عمل، تليه أنشطة التجارة والصناعات التحويلية.
أما بالنسبة لمنهجية جهاز الإحصاء، فهي تشمل رصد بيانات البطالة باستمرار، حيث يتم قياسها من خلال زيارة حوالي 90 ألف أسرة معيشية على مدار العام، بهدف توفير معلومات دقيقة عن مؤشرات العمل في جميع أنحاء الجمهورية.
يتم تقسيم سكان مصر إلى فئتين: الأولى تشمل الأفراد الأقل من سن 6 سنوات والمسنين 65 عامًا فأكثر، والمجموعة الثانية تضم الأفراد القادرين على العمل، حيث يتم تصنيفهم بناءً على ظروفهم، فأفراد القوة العاملة ينقسمون إلى المشتغلين – الذين يشاركون في الأنشطة الاقتصادية – والمُتعطلين – الذين يظهرون رغبة في العمل لكنهم لا يجدون فرصًا.
وأكمل ماهر بأنه لكي يُعتبر الشخص مُتعطلًا حسب المفاهيم العالمية، لابد من توافر شروط تشمل القدرة والرغبة في العمل والبحث عنه، مشيرًا إلى أن هناك 16 وسيلة يمكن عبرها اعتبار الفرد باحثًا عن عمل مثل إرسال السيرة الذاتية أو الاستعلام عن فرص العمل عبر المعارف.
وبالنظر إلى أرقام البطالة في عام 2024، نجد أن الأنشطة التي شهدت ارتفاعًا في عدد المشتغلين الذكور سجلت أيضًا زيادة ملموسة في أعداد المُشتغلات من الإناث، مع ملاحظة تباين هذا الوضع خلال الفترات الموسمية، فمثلًا الفترة الأخيرة من العام والتي تشمل بداية العام الدراسي، تشهد نشاطات معينة مثل التعليم، التي تجذب الكثير من الإناث بسبب ظروف العمل الملائمة مثل توفر حضانات، إضافة إلى قطاعات الزراعة والتجارة وأنشطة موسمية أخرى تتعلق بالخدمات المنزلية.