
من الرباط، رد “المؤتمر العربي العام” على تصريحات “إسرائيل الكبرى” التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي المطلوب بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية، قائلا: “إن تصريحات الإرهابي نتنياهو وزمرة معاونيه الذين اشتهروا بعنصريتهم المطلقة، وتطرفهم وإجرامهم، عما يسمونه ‘إسرائيل الكبرى’ التي تضم، حسب نظرهم، بالإضافة إلى فلسطين والأراضي العربية المحتلة، أيضا دولا بأكملها ومساحات شاسعة من دول عربية أخرى، هي أهداف قومية ومعروفة للكيان الصهيوني الذي وضع على مدخل الكنيست شعار (أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل)”.
يأتي هذا بعد انعقاد “لجنة المتابعة في المؤتمر العربي العام” التي تضم “الأمناء العامين وممثلين عن المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، ومؤسسة القدس الدولية، والجبهة العربية التقدمية،
برئاسة المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي، خالد السفياني”، وكان الموضوع الأساس للاجتماع المقابلة التي أجراها نتنياهو مع قناة “آي 24” الإسرائيلية، حيث عرض عليه المحاور خريطة لما يسمى في الإيديولوجيا “الصهيونية” بـ”الأرض الموعودة” وسأله إن كان يشارك هذه “الرؤية”، فأجاب بـ”بالتأكيد” مرتين، ليعلّق المحاور: “إنها إسرائيل الكبرى”.
ويرى “المؤتمر العربي العام” أن “هذه التصريحات وإن كانت في جوهرها تعبر عن اعتماد القيادة الصهيونية المجرمة الحاكمة على سياسة الهروب إلى الأمام، أمام صمود المقاومة الأسطوري التي يبديها أهلنا في غزة وعموم فلسطين، كما في عدة بلدان عربية وإسلامية أخرى، لكنها تعبّر أيضا عن شعور القيادة الصهيونية أن الواقع العربي والإسلامي يعاني من الانقسام والتناحر والضعف، ما يسمح للصهاينة أن يعيدوا طرح شعاراتهم التي اضطروا إلى إخفائها لعقود”.
وشدّدت الهيئات المغربية والعربية على أن “هذه التصريحات الخطيرة القائمة على أفكار وعقائد تلموذية عنصرية إبادية، تتطلب مستوى من المواجهة الشاملة ليس على مستوى فلسطين والدول المنخرطة في هذا الصراع فحسب، بل على مستوى الأمة العربية وعمقها الإسلامي وأحرار العالم بأسرهم؛ لأن المشروع الصهيوني هو مشروع استيطاني توسعي يسعى إلى احتلال أراضٍ فلسطينية وعربية من جهة، وإلى السيطرة على باقي الدول العربية والإسلامية في الإقليم كله”.
وأردفت الهيئات أن “على الأمة بأسرها، ومعها قوى التحرر في العالم، أن تتعامل مع هذه التصريحات بدرجة عالية من الجدية، التي لا تكفي معها مواقف الرفض المحتشمة من طرف بعض الأنظمة، بل تتطلب مواقف عملية على درجة كبيرة من القوة، وبدرجة عالية من المسؤولية؛ وذلك لمواجهة كافة المحاولات الصهيونية المدعومة من قوى الاستعمار العالمي، عبر تضامن عربي وإسلامي يتجاوز كل الصراعات والخلافات القائمة حاليا بين الأقطار أو داخل كل قطر، على قاعدة أولوية مواجهة التناقض الرئيسي على كل تناقض أو خلاف ثانوي آخر”.
وزاد المؤتمر العربي العام: “هذه التهديدات الصهيونية المدعومة من قوى الاستعمار العالمي تؤكد أن ما يواجهه المقاومون في غزة وعموم فلسطين، كما في لبنان واليمن وصولا إلى الجمهورية الإسلامية في إيران، ليس محصورا بهذه الدول، بل يستهدف الأمة والإقليم معا، مما يتطلب أعلى درجات التعاون والتنسيق بين دولنا العربية والإسلامية، أنظمة وشعوبا، لأن المستهدف هو الجميع وليس قطرا واحدا ولا نظاما واحدا”.
وسطّرت الهيئات على أن “مواجهة هذا المشروع الصهيوني – الاستعماري – التوسعي تتطلب قمة عربية وإسلامية تتخذ قرارات عملية في وجه هذه المخاطر، بدءا من دعم المقاومة العربية والإسلامية في فلسطين ولبنان واليمن وحيثما تكون، كما تتخذ القرارات اللازمة لقطع كل علاقة بالكيان الصهيوني، وإلغاء كل اتفاقات التطبيع، وإقفال سفارات الكيان الصهيوني، وإحياء مؤسسات هامة كاتفاقية السوق العربية المشتركة، ومجلس الدفاع العربي، وإحياء مكاتب المقاطعة للعدو، ودعوة الجماهير العربية للانخراط فيها باعتبارها أحد أهم الوسائل الضاغطة على العدو وداعميه التي لا تحتاج إلى قرارات حكومية”.
كما نادت الهيئات بـ”إحياء كافة الاتفاقات المعقودة بين الدول العربية ودول الإقليم، سواء على المستوى الدفاعي أو الاقتصادي أو الدبلوماسي أو الثقافي أو الإعلامي، والخروج نهائيا من حال التناحر القائمة بين أقطارنا العربية والإسلامية أو داخلها، وتعزيز روح الوحدة الوطنية في كل قطر، والتكامل العربي والإقليمي على مستوى الأمة والإقليم”، مع “البدء فورا بحوارات بين أقطار الأمة العربية والإسلامية من أجل تصفية كل الصراعات والتناقضات وأجواء التناحر، كما إقامة حوارات داخل كل قطر، بين أنظمة الحكم والقوى الشعبية على قواعد احترام حرية المعتقد والرأي والعمل السياسي والحزبي والنقابي تحت سقف القانون ووحدة البلاد ومنعتها”.
وقدّر المؤتمر العربي العام أن “أجواء التعاطف الدولي اليوم مع أهلنا في غزة خصوصا، وقضية فلسطين عموما” ينبغي الاستفادة منها “من أجل إحكام العزلة على الكيان الصهيوني، وطرده من كافة المنظمات والمؤسسات الدولية، باعتباره كيانا مارقا، يقوم منذ ولادته على انتهاك القانون الدولي وكافة المواثيق والقرارات الدولية”.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التصريحات الإسرائيلية قد قوبلت بتنديد 31 دولة إسلامية وعربية، حيث وصفها بيان مشترك بأنها “استهانة بالغة بالقانون الدولي، وافتئات خطير على أسس العلاقات الدولية المستقرة، وتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي ولسيادة الدول وللسلم والأمن الإقليمي والدولي”.
وقد صدر البيان المشترك عن وزراء خارجية المغرب، الجزائر، البحرين، بنغلادش، تشاد، جزر القمر، جيبوتي، مصر، غامبيا، إندونيسيا، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، ليبيا، جزر المالديف، موريتانيا، نيجيريا، عُمان، باكستان، فلسطين، قطر، السعودية، السنغال، سيراليون، الصومال، السودان، سوريا، تركيا، الإمارات واليمن، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي.
كما صدر بيان عن “الأزهر” يقول فيه شيخ الأزهر أحمد الطيب إن تصريحات “مسؤولي الاحتلال عن وهم ‘إسرائيل الكبرى’ ما هي إلا أوهام سياسية لن تغير الحقيقة… ففلسطين أرض عربية إسلامية خالصة”، ولكنها “تعكس عقلية احتلالية متجذرة، وتفضح أطماعا ونوايا متطرفة، للاستيلاء على ثروات دول المنطقة، وابتلاع ما تبقى من الأراضي الفلسطينية” انطلاقا من “روايات دينية متطرفة يروجها الاحتلال، لاختبار صبر دول المنطقة وشعوبها في التعامل مع هذه الأوهام”، وهي “غطرسة من الاحتلال، ومحاولة لصرف الأنظار عن جرائمه ومذابحه والإبادة الجماعية التي يرتكبها في غزة، حتى يمحو فلسطين من خريطة العالم”، ما يقتضي “وحدة الموقف العربي والإسلامي، وتكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية والإعلامية لكشف زيف روايات الاحتلال، والتصدي لمخططاته”.