
بعد الجائحة، أصبحت الاجتماعات والمقابلات الافتراضية هي السمة السائدة في وادي السيليكون، إذ انتقلت العديد من الشركات، ابتداءً من الشركات الناشئة وانتهاءً بالشركات الكبرى، إلى عمليات التوظيف عبر الإنترنت لتعزيز الكفاءة وتقليص التكاليف، ومع ذلك، فإن تغير ديناميكيات العمل نتيجة الذكاء الاصطناعي أدى إلى ظهور تحدٍ جديد يتمثل في الغش خلال التوظيف الافتراضي، وفي مسعى لمواجهة هذه المشكلة، قررت جوجل إعادة إجراء المقابلات الشخصية لتقييم مهارات المرشحين بشكل أدق.
خلال اجتماع داخلي في فبراير الماضي، طرح موظفو جوجل بوضوح مسألة اعتماد بعض المرشحين على أدوات الذكاء الاصطناعي للغش في المقابلات، وعلى إثر ذلك، ورد تقرير CNBC الذي تناول مناقشات بين الموظفين، حيث تساءل أحدهم: “هل يمكننا إعادة إجراء المقابلات في المكتب؟ هناك الكثير من الرسائل الإلكترونية حول هذا الموضوع، وإذا كانت الميزانية محدودة، فهل يمكننا استقدام المرشحين إلى بيئة يمكننا السيطرة عليها؟”
اعترف برايان أونج، نائب رئيس التوظيف في جوجل، بوجود تحدٍ حقيقي ضمن هذا الإطار، حيث أن المقابلات الإلكترونية ساهمت في تقليص الوقت اللازم للتوظيف بنحو أسبوعين، ومع ذلك، فقد أقرّ أونج بأن هذه الطريقة تفتقر إلى المصداقية اللازمة للتقييمات المباشرة، حيث قال في الاجتماع: “لا يزال لدينا الكثير من العمل من أجل دمج استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف.”
لتغيير آليات التوظيف، حظي الموظفون بدعم كبير من الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي، الذي أعلن أن جوجل ستتبنى نهجًا هجينًا في هذا الشأن، وفي حديثه خلال بودكاست ليكس فريدمان في يونيو، أفاد بيتشاي بأنه من المفيد التفكير في إجراء جزء من المقابلات وجهًا لوجه، معلقًا: “هذا سيساعد المرشحين في فهم ثقافة جوجل، وهو مفيد للطرفين.”
كما أكد على ضرورة إجراء جولة واحدة على الأقل من المقابلات الشخصية للعديد من الأدوار، وبشكل خاص تلك التي تتطلب تقييمات عملية، مثل تحديات البرمجة، حيث أضاف بيتشاي: “نحن حريصون على تنظيم جولة واحدة على الأقل من المقابلات الشخصية للمرشحين لضمان توافر المهارات الأساسية.”
ومن المهم الإشارة إلى أن جوجل ليست الوحيدة التي تعاني من ظاهرة الغش باستخدام الذكاء الاصطناعي أثناء المقابلات، إذ تُشير التقارير إلى أن أكثر من نصف المرشحين في بعض المؤسسات يُشتبه في استخدامهم أدوات غير مصرح بها أثناء المقابلات الافتراضية، مما أدى إلى تغييرات في السياسات على مستوى الشركات.
على سبيل المثال، باتت أمازون الآن تلزم المرشحين بالتعهد بعدم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي خلال المقابلات، وقد حظرت شركة أنثروبيك، المعروفة بأبحاث الذكاء الاصطناعي، بشكل قاطع استخدام هذه التقنية من قبل المتقدمين في عمليات التوظيف، كما قامت شركات استشارية بارزة مثل ماكينزي وديلويت، بالإضافة إلى شركات تقنية مثل سيسكو، بإعادة التوجه نحو إجراء المقابلات الشخصية لوظائف محددة، حيث قامت ديلويت بتطبيق هذه الجولات الشخصية مرة أخرى في برنامجها للدراسات العليا في المملكة المتحدة.