مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة 2025
كانت قاعات مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة 2025 تعيش أجواء مليئة بالنشاط والحيوية، حيث تداخلت أصوات الخبراء وتدفقت النقاشات حول مستقبل صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية. كأن كل زاوية من القاعة تحمل فكرة مبتكرة ورؤية تتجاوز ما نراه اليوم، وبين هذه الأصوات المختلفة، كان يأسرني شيء مميز… الإيجابية. كانت تلمع في عيون الشباب الذين بدأوا لتوهم مشاريعهم، كشرارة أولى تشتعل في بداية رحلة طويلة. وفي لحظة تأمل وسط الضجيج، عدت بالذاكرة إلى البدايات، إلى تلك الأيام التي اتخذت فيها قرار الدخول إلى عالم الألعاب، متجاوزاً نظرات الدهشة والشك من المحيطين بي، الذين اعتبروا خياري مغامرة غير منطقية وربما مضيعة للوقت.
مستقبل الألعاب الإلكترونية
قبل عدة سنوات، كانت الألعاب الإلكترونية تُعتبر من قِبل البعض مجرد هواية لقضاء الوقت، بينما تحول هذا المجال إلى صناعة تنمو بشكل غير مسبوق، إذ بلغ حجمها العالمي حوالي 230 مليار دولار في 2024، مع توقعات ببلوغه 320 مليار دولار بحلول 2030. اليوم، أصبحت الألعاب الإلكترونية قطاعاً حقيقياً له تأثير إيجابي كبير على الاقتصادات والمجتمعات والثقافات، متحولة إلى رياضة عالمية تمتلىء صالاتها بالجماهير، وتُبث منافساتها على الشاشات التلفزيونية والمنصات الرقمية التي يتابعها مئات الملايين.
وفي خضم هذا التحول المذهل، تُبادر السعودية، من خلال مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، بخطوة جريئة وغير مسبوقة تتمثل في إطلاق بطولة كأس المنتخبات للرياضات الإلكترونية. لم تكن البطولة مفاجأة، بل هي نتيجة تخطيط دقيق يعكس التزام المملكة بأن تكون مركزاً عالمياً في هذا المجال. بعد استحواذها على شركة «إي إس إل» العالمية عبر مجموعة «سافي» للألعاب الإلكترونية، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، وضعت السعودية خطة متكاملة تحقق نجاحات متتالية.
بدأت البطولات مع «لاعبون بلا حدود» خلال فترة الجائحة، تلتها «موسم الغيمرز» الذي عزز مكانة المملكة في جذب اللاعبين والمجتمعات. ثم جاء عصر كأس العالم للرياضات الإلكترونية، والذي يُعتبر الحدث الأبرز الذي جذب نخبة اللاعبين والفرق والشركات المتخصصة. اليوم، تأتي بطولة كأس المنتخبات للرياضات الإلكترونية لتُشرك شعوب العالم من خلال منتخباتها الوطنية، وتعزز إحساس الفخر والانتماء لدى اللاعبين والجماهير.
عند النظر إلى المشهد العالمي، نجد أن كوريا الجنوبية قادت الصناعة بفضل بنيتها التحتية المتطورة، بينما احتلت الصين صدارة عدد اللاعبين، حيث يبلغ عددهم أكثر من 700 مليون لاعب. تواصل الولايات المتحدة ريادتها من خلال الابتكار والكبرى مثل «أكتيفجن» و«مايكروسوفت». على الجانب الآخر، اختارت السعودية مساراً مختلفاً، لتقود بقوة المشهد العالمي عبر الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، واستثمارات مجموعة «سافي» للألعاب الإلكترونية، ومؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، مما أتاح الملايين للتفاعل مع البطولات انطلاقاً من شعور الانتماء الوطني، مما يحوّل الألعاب والرياضات الإلكترونية إلى قطاع جماهيري واسع. مع انطلاق سوق الألعاب الإلكترونية في الرياض الذي بلغ حجمه 1.2 مليار دولار حالياً، وخطة طموحة للوصول إلى 6 مليار دولار بحلول 2030، تصدر رسالة واضحة: المستقبل لا يُصنع بالانتظار، بل بالعزيمة.
أخبرت أحد القائمين على المؤسسة عن يقيني بأن بطولة كأس المنتخبات ستكون حدثاً كبيراً، لكن ما يثير اهتمامي الآن هو السؤال: ماذا بعد؟