رئيس أمازون: الذكاء الاصطناعي ليس виновником التسريحات الأخيرة
في خطوة تعكس تغييرًا جوهريًا داخل عملاق التجارة الإلكترونية، برر الرئيس التنفيذي لشركة “أمازون” آندي جاسي تسريح حوالي 14 ألف موظف من وظائفهم الإدارية، موضحًا أن القرار ليس مدفوعًا بخفض التكاليف أو ترك الذكاء الاصطناعي يسيطر، بل يسعى لتقليل حجم العمل الإضافي الذي أصبح عبئاً على الشركة.
وأوضح جاسي أن الهدف يتمثل في إعادة هيكلة أمازون لتبدو أقل كيانًا عملاقًا وأكثر مثل شركة ناشئة متماسكة كما كانت في بداياتها، وفي مكالمة الأرباح الفصلية لأمازون، أكد أن هذا القرار نابع من فلسفة تنظيمية وليس نتيجة حالة من الذعر.
وصرح قائلًا: “الإعلان الذي قمنا به قبل أيام لم يكن مدفوعًا باعتبارات مالية، ولا حتى بتطورات الذكاء الاصطناعي، على الأقل ليس في الوقت الحالي، بل يتعلق الأمر بثقافة العمل في الشركة”، وهو تصريح يستحق الانتباه، خاصةً في ظل كون هذا التخفيض للموظفين قد يصبح الأكبر في تاريخ أمازون، حيث تشير التقارير إلى إمكانية وصول العدد الكلي للمسرّحين إلى 30,000 موظف، لكن جاسي أوضح ببساطة أن شركة بحجم أمازون لا تستطيع تحمل التباطؤ في عصر سريع التغير.
جاء تفسير جاسي ليعكس خطوة ضمن مسعى أكبر وجعل أمازون أكثر مرونة وأقل بيروقراطية، فقد تضاعف عدد موظفي الشركة ثلاث مرات بين عامي 2017 و2022 بشكل لافت خلال فترة التوسع المدفوع بجائحة كورونا، واعترف جاسي بأن هذا النمو كان له عواقب.
وجادل بأن وجود عدد كبير من الطبقات الإدارية قد أدى إلى إبطاء اتخاذ القرارات والحد من المبادرة، مشيرًا إلى أن عمليات التسريح تهدف لاستعادة المرونة والمسؤولية التي تميزت بها الأيام الأولى للنموذج الاقتصادي لأمازون، وأضاف: “نحن ملتزمون بأن نعمل كأكبر شركة ناشئة في العالم”، وهو شعار يعكس رؤيته لقيادة الشركة.
تأتي تصريحات جاسي لتفند بشكل قاطع فكرة أن عمليات التسريح استجابة لزيادة انتشار الذكاء الاصطناعي، فقد أقر في وقت سابق بأن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تعزيز مرونة أمازون في المستقبل، وأكد في مذكرة للموظفين بأنه يمكن أن يتقلص حجم القوى العاملة بمرور الوقت بناءً على الكفاءات الجديدة.
عندما تسرب خبر تسريحات الموظفين الجدد هذا الأسبوع، اعتقد الكثيرون أن الأتمتة قد تسببت في فقدان العديد من الوظائف، لكن جاسي سارع لتوضيح الأمور. خلال مكالمة يوم الخميس، وصف الإجراء بأنه جزء من “إعادة ضبط ثقافية”، وهي مبادرة تهدف للتقليص من الطبقات الإدارية الوسطى واستعادة طاقة الابتكار التي كانت تتمتع بها الشركة في بداياتها وسط ما أسماه “التحول التكنولوجي الجاري حاليًا”.
وتبدو تصريحات الرئيس التنفيذي مصممة أيضًا لطمأنة المستثمرين بأن أمازون تتصرف من موقع استراتيجي وليست من حالة قلق، حيث أكد مجددًا: “الإعلان… لم يكن مدفوعًا بدوافع مالية”، وهو خطاب اختير بعناية لتجنب أي دلالة على وجود أزمة.
موقف جاسي واضح، فعمليات التسريح متعلقة بتعزيز دور الموظفين الباقين وليس باستبدالهم، مشددًا على ضرورة منحهم مزيدًا من المسؤولية لضمان قدرة الشركة على مواكبة تطورات التكنولوجيا. وقد قال جاسي للمحللين: “في ظل التحولات العالمية، أصبح من الأهم أن نكون أكثر مرونة وسرعة في الاستجابة”.
من جوانب عديدة، تعكس استراتيجية جاسي العودة لجذور الشركة الأصلية، حيث تبرز تلك الحيوية التجريبية التي جعلت أمازون ما هي عليه اليوم، وإذا كان تقليص عدد الموظفين هو السبيل للتخلص من البيروقراطية، فذلك ما يتوجب القيام به، رغم صعوبة قبول الأمر بالنسبة لآلاف المغادرين، لكن بالنسبة لجاسي، تعتبر هذه الخطوة ضرورية للحفاظ على روح الابتكار التي تميز الشركة، وعلى الرغم من تفاؤله، إلا أن هذا التوجه يفتح آفاقًا لتحديات جديدة.
