من غزة إلى اليمن ولبنان وسوريا: الرياض تتبنى إستراتيجية جديدة لتعزيز الأمن الإقليمي

السعودية كمهندس رئيسي للاستقرار في الشرق الأوسط

تعمل المملكة العربية السعودية على تعزيز مكانتها كداعم رئيسي للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، من خلال إطلاق مبادرات دبلوماسية وبناء شراكات دولية تهدف إلى الربط بين الأمن والتنمية. في الوقت الذي تتبنى فيه إسرائيل استراتيجيات تعتمد على التصعيد العسكري ورفض الحلول السياسية، تقدم الرياض رؤية بديلة ترتكز على تحقيق حل الدولتين وتعزيز التعاون بين الدول العربية. رغم التحديات الجمة، تبذل المملكة جهوداً مستمرة لدفع مسارات سياسية تهدف إلى إعادة التوازن للمنطقة.

السعودية كمحفز للاستقرار الإقليمي

على مدى السنوات الماضية، تسعى السعودية لإثبات أنها قوة إقليمية مسؤولة قادرة على تجاوز حدودها الوطنية لتلعب دوراً محورياً في تشكيل التوازنات في الشرق الأوسط. مع تفاقم الأزمات من غزة إلى لبنان، وسوريا واليمن، تسعى الرياض إلى تقديم نفسها كجهة فاعلة رئيسية في تحقيق الاستقرار، من خلال دبلوماسية نشطة وتعاون دولي. على الرغم من هذا، تواجه مقاربتها تحديات جراء الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية التي تركز على القوة وفرض الحقائق على الأرض.

في يوليو 2025، نظمت السعودية بالتعاون مع فرنسا مؤتمراً دبلوماسياً في نيويورك، هدفه تعزيز الزخم نحو حل الدولتين. لم يقتصر الهدف على الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، بل تناول أيضاً تصوراً أمنياً-سياسياً يتضمن دولة فلسطينية غير مسلحة مع ضمانات أمنية لإسرائيل، وذلك مقابل إبعاد حماس عن المشهد السياسي في غزة وتمكين السلطة الفلسطينية بشكل أكثر فعالية.

أرسلت الرياض من خلال هذه المبادرة رسالة مزدوجة، حيث أكدت تمسكها بحقوق الفلسطينيين كشرط أساسي لتحقيق الاستقرار والتطبيع، في ذات الوقت الذي قدمت فيه لإسرائيل نموذجاً أمنياً لتعزيز أمنها بعيداً عن الخيارات المعتمدة على الاحتلال الدائم. لكن الرد الإسرائيلي كان متناقضاً، حيث أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استمرارية الاحتلال، وهو ما يعكس رفضاً لأي حلول سياسية.

يعتبر الملف اليمني أحد أهم محددات المقاربة السعودية للأمن الإقليمي، حيث تدرك الرياض أن استقرار حدودها الجنوبية يعد شرطًا رئيسيًا لأي دور إقليمي متماسك. فقد أبدت المملكة انخراطاً في مفاوضات مع الحوثيين منذ عام 2022، مشددة على ارتباط الملف اليمني بتوازن القوى في المشرق والخليج.

تعاني المملكة من تعقيدات بسبب غياب الضغوط الأميركية على إسرائيل، مما يعقد مهمتها في تحقيق الاستقرار. رغم هذه التحديات، تستمر المملكة في بلورة دورها كمهندس رئيسي للاستقرار، مع التركيز على ربط التطبيع بحل عادل للقضية الفلسطينية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *