سباق الذكاء الاصطناعي: استثمارات عالمية في ذروتها بلا توقف
تعيش صناعة التكنولوجيا العالمية واحدة من أكثر الفترات حماسة منذ عقود، إذ تسجل استثمارات هائلة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي معدلات جديدة لم يسبق لها مثيل، ولا تشير أي دلائل إلى تراجع هذا الاتجاه، رغم التحذيرات المتكررة من احتمالية ظهور “فقاعة” تكنولوجية جديدة.
في هذا السياق، أصبحت شركة إنفيديا هي العمود الفقري لهذه الثورة الرقمية، حيث نجحت رقاقاتها عالية الأداء في جعلها أول شركة في التاريخ تتجاوز قيمتها السوقية خمسة تريليونات دولار، وفي هذه الأثناء، عززت مايكروسوفت تعاونها مع OpenAI، المطوّرة لتكنولوجيا ChatGPT، من خلال توقيع اتفاق يعزز قدراتها على جمع التمويل، بالتزامن مع استعدادات الشركة لطرح عام أولي قد يزيد قيمتها إلى تريليون دولار.
وفي وقت لاحق، أعلنت أمازون عن خطة لتسريح 14 ألف موظف، ولفتت الانتباه إلى أن قطاعها السحابي قد حقق أفضل أداء له منذ ثلاثة أعوام، وهو ما يعكس تحولًا كبيرًا في أولويات الشركات نحو بناء قدرات الذكاء الاصطناعي، حتى وسط التحديات الاقتصادية الحالية.
تظهر هذه التطورات المتسارعة، إلى جانب سيل من تقارير الأرباح والمقابلات مع كبار التنفيذيين، صورة واضحة: فقد أصبح الذكاء الاصطناعي المحرك الرئيسي لاستثمارات الشركات الكبرى، والقوة الدافعة وراء انتعاش الأسواق المالية، رغم النقاشات حول مدى استدامة هذا النمو السريع.
وعلى صعيد النمو، كانت النتائج القوية لعائدات شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت وألفابت، الشركة الأم لجوجل، متوقعة، لكن الجانب اللافت هو تقدم شركات من الصناعات المختلفة، مثل الطاقة والبنية التحتية، نحو سباق الذكاء الاصطناعي.
حيث أفادت أكثر من 100 شركة غير تكنولوجية في إفصاحاتها الفصلية الأخيرة بأن مصطلح “مراكز البيانات” كان حاضرًا بقوة، مما يشير إلى تمدد الاستثمارات في هذه المجالات.
في هذا السياق، حققت شركة Caterpillar، المتخصصة في تصنيع المعدات الثقيلة، نموًا مذهلاً بنسبة 31% في قسمها المخصص لتوريد محركات مراكز البيانات، وأشار رئيسها التنفيذي، جوزيف كريد، إلى الفرص الكبيرة المتاحة في تزويد مراكز البيانات بالطاقة، معتبرًا أن هذا هو مجرد بداية.
وترى أياكو يوشيوكا، مديرة المحافظ في مجموعة Wealth Enhancement Group، أن سلسلة توريد الذكاء الاصطناعي لم تعد حكرًا على قطاع التكنولوجيا فقط، بل باتت تمتد لتشمل قطاعات الطاقة والتبريد والصناعات الثقيلة، مشيرة إلى أن المستثمرين اليوم يهتمون بـ”المنظومة الكاملة” التي تدعم هذا القطاع.
وتقدّر جولدمان ساكس أن يصل الإنفاق العالمي على بنية الذكاء الاصطناعي التحتية إلى ما بين 3 و4 تريليونات دولار بحلول عام 2030.
