“انتخب مرشح مذهبنا حتى وإن كان 1% جيد و99% غير جيد” – وكالة بغداد اليوم الإخبارية
الخطاب الطائفي وتأثيره على العملية الانتخابية
رصدت “بغداد اليوم” مقطعاً مصوراً للشيخ المعمم علي السهلاني في حسينية بمدينة الناصرية، يدعو فيه المصلّين للتركيز على الهوية المذهبية عند التصويت، حيث قال: “المرشح إذا 1% زين و99% مو زين انتخبه ما دام شيعي.. المهم ميصعدون ذولاك”. يبدو أن هذه التصريحات تعكس توجهات متزايدة تسهم في تعزيز الانقسام الطائفي، مما يثير القلق بين الباحثين في الشأن الانتخابي.
الانقسام والهوية في الانتخابات
يرى الباحثون أن هذا النوع من الخطاب يُعيد إنتاج الانقسامات الطائفية في فترة يسعى فيها القانون إلى تعزيز مبدأ التصويت القائم على البرامج والكفاءة. تشير الدراسات الانتخابية إلى أن التصويت على أساس الهوية المذهبية يُضعف معايير الجودة والمساءلة، مما يجعل الناخبين يميلون إلى ما يُعرف بـ “التصويت الانتقامي”، وهو محاولة لمنع الخصم من الفوز بدلاً من اختيار الأنسب. إن هذا النوع من الخطاب، الذي يظهر أوضح في بيئات مثل الناصرية، يحمل في طياته خطر تحويل الانتخابات إلى ساحة للغضب والصراع بدلاً من الفرصة للتقدم والتنمية.
وعلى الجانب الآخر، تتزايد الخلافات داخل المكوّن السني، حيث تدور صراعات بين التيار المدخلي والإخوان المسلمين حول كيفية تمثيل الشارع وآليات العمل السياسي. يُعتبر هذا الانقسام جزءاً من “صراع على الشرعية”، مما يضعف قدرة السنة على التفاوض بفعالية في العملية السياسية. إن اقتران هذا الصراع بخطاب التصويت الطائفي يوسع الانقسام الوطني ويزيد من تعقيد إمكانية إيجاد حلول وسط.
تشير التحليلات السياسية إلى أن عودة الطائفية كأداة علنية في الانتخابات تمثل تحولاً مقلقاً، حيث كانت قد مُورست سابقًا بشكل غير مباشر. هذه الظاهرة تعكس هشاشة البيئة المؤسسية التي تسمح بانتشار مثل هذا الخطاب دون قيود. التصريحات الطائفية لا تعني مجرد استراتيجيات انتخابية عابرة، بل تُهدد بتحويل الانتخابات إلى ساحات للصراع الطائفي، مما يزيد من تعقيد تشكيل التحالفات السياسية ويعيق بناء توافقات وطنية.
إذا استمر هذا الاتجاه، فإن ذلك قد يقوّض ثقة الناخبين بالديمقراطية كآلية حقيقية للتغيير، ويُعزز الاعتقاد بأن العملية السياسية محصورة بالهويات والانتماءات، وليس بالبرامج والأداء. لذا، يبدو مستقبل مشاركة المواطنين في العملية الانتخابية مهددًا، مما يجعل من الضروري البحث عن سبل لإنهاء هذا الانقسام وتحقيق توافق وطني يوفر فرصًا حقيقية للتغيير والتنمية.