عالم الروبوتات والكعك: رؤية فنية بديلة
منذ أن كان يدرس في أكاديمية الفنون في سان فرانسيسكو، ارتبط الفنان الأمريكي إريك جوينر بالروبوتات، حيث احتفظ بعدد منها على رفوفه لأعوام طويلة، لكنه لم يبدأ برسمها بجدية إلا بعد مضي عقد من الزمن في العمل كرسام توضيحي، وفي لوحاته وجد موضوعًا بصريًا يجمع بين الزوايا الحادة والألوان الرقيقة، ومع ذلك تقدم أعماله أسئلة أعمق عن طبيعة البشر والحياة.
يقول جوينر إنه بدأ يكتشف سلوك البشر ودور الصراع في الحياة من خلال فضول حقيقي، فهو يؤمن أن الحياة الذكية هي الموضوع الأهم، ومن خلال إحياء الكائنات الجمادية، يسعى لإعطاء الناس فرصة للهروب من ذواتهم ورؤية الأمور من منظور مختلف، وفقاً لموقع mymodernmet.
في معرضه الأخير الذي يحمل عنوان “النظرة الجانبية”، يأخذ جوينر المشاهدين إلى عوالم سريالية مليئة بالغرابة، حيث نجد الروبوتات تتسوق لشراء الآيس كريم من متاجر قديمة، أو تلتقط صور سيلفي في السرير، أو تراقب معركة بين غودزيلا وكينغ كونغ في صحراء مهجورة، ويظهر إلى جانبها رمز متكرر آخر: “الدونات”.
ويضيف الفنان أن اجتماع الروبوتات والدونات في لوحة واحدة يعتبر أمراً سخيفاً، ولكنه يعكس رؤيته للبشرية، فنحن نعيش هنا دون معرفة السبب، ومن أبرز الأمثلة على ذلك لوحة “ماتينيه”، التي تُظهر الروبوتات تحضر عرض فيلم “2001: ملحمة الفضاء” بينما تتساقط كعكات عملاقة من السماء، ورغم أن المشهد قد يبدو عادياً في البداية، إلا أن العبثية فيه تكشف عن ميل جوينر لخلخلة المألوف، مما يدفع المتلقي لإعادة النظر في تفاصيل اللوحة.
يعتمد جوينر على مزيج من العبثية والسريالية للتعبير عن قلقه تجاه العالم المعاصر، معبراً عن ضرورة النظر للأمور من زوايا مختلفة لفهمها والنمو بدلاً من الاكتفاء بالسلبية التي تروجها السياسة ووسائل الإعلام.
لوحة “لحظة الحقيقة” تعكس أقرب لحظاته للإنسانية، حيث تصور أم روبوت تأخذ طفلها إلى مخبز، ويتجلى فيه دهشته أمام وفرة الكعك، حتى وإن كان وجهه الآلي غير مرئي، إلا أن شعور الفرح يصل بوضوح للجمهور، ويصفها جوينر بأنها لوحته المفضلة، حيث أراد توثيق أول زيارة لطفل إلى المخبز.
ورغم أن أبطال لوحاته من الجمادات، إلا أن أعمال جوينر تعبر في الجوهر عن الإنسان ورغباته وأفكاره ومخاوفه تجاه مستقبل مجهول ينذره الذكاء الاصطناعي، ويختتم الفنان بالقول إنه حتى في عالم الآلات والبرمجيات، تظل الرغبة في الرقة والفرح والكعكة أمورًا مشتركة بين البشر.
معرض “النظرة الجانبية” الذي أقيم في معرض كورى هيلفورد يؤكد مكانة جوينر كأحد أبرز فناني السريالية الشعبية، جامعًا بين المرح والعمق، ومزاوجًا بشكل غريب بين الروبوتات والدونات.