تعزيز الشراكة: أهمية التحالف المصري السعودي في تحقيق الاستقرار

تزامنًا مع احتفال المملكة العربية السعودية بالذكرى الـ 95 لعيدها الوطني، ألقى تقرير صدر عن السفارة السعودية في القاهرة الضوء على تاريخ العلاقات الأخوية والأهداف المشتركة بين مصر والمملكة، حيث أكد على أن الأزمات والتحديات المتكررة في منطقة الشرق الأوسط أظهرت أن التنسيق بين السعودية ومصر ليس مجرد خيار بل ضرورة استراتيجية تفرضها اعتبارات الأمن القومي للبلدين كما للمنطقة ككل، فالتشابك الجغرافي والسياسي والاقتصادي بين القاهرة والرياض جعل من تعاونهما ركيزة أساسية لحماية الاستقرار ومنع انزلاق المنطقة في دوامات الفوضى والصراعات.

ويعد اليوم الوطني السعودي، الذي يُحتفل به في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام، فرصة لتسليط الضوء على قيمة هذه العلاقة العريقة التي تمتد لعقود، والتي لم تقتصر على التنسيق السياسي والأمني، وإنما شملت أيضًا مجالات الشراكة الاقتصادية والاستثمارية، بالإضافة إلى التعاون الثقافي والتعليم، مما يعكس طبيعة التحالف الشامل بين أكبر دولتين عربيتين. لقد صمدت العلاقات بين القاهرة والرياض أمام مختلف المنعطفات التاريخية، وتأقلمت لتصبح نموذجًا يحتذى به للعلاقات العربية، وهذا تجلى في المواقف العملية المشتركة خلال الأزمات الكبرى التي شهدتها المنطقة، حيث اتحدت جهود الدولتين دفاعًا عن قضايا الأمة وصون مصالحها الاستراتيجية.

ومع تصاعد المخاطر المرتبطة بملفات الطاقة والأمن والدفاع ومكافحة الإرهاب، يبدو أن الحاجة لتعزيز التعاون الثنائي باتت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، وتطوير آليات جديدة للتنسيق تكفي للتعامل مع حجم التحديات الراهنة والمستقبلية؛ إذ تحول التحالف السعودي المصري إلى أحد أعمدة الأمن والاستقرار في العالم العربي والإسلامي. وبخصوص التنسيق السياسي، أشار التقرير إلى أن زيارة الأمير محمد بن سلمان التاريخية إلى القاهرة في الخامس عشر من أكتوبر 2024، والتي تم خلالها الاتفاق على تشكيل (مجلس التنسيق الأعلى السعودي المصري)، جاءت كنقلة نوعية، حيث أصبح المجلس منصة فعالة لتعزيز العلاقات بين البلدين ودفعها نحو آفاق جديدة.

وخلال الشهر الماضي، قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة رسمية إلى مدينة نيوم، حيث التقى بشقيقه الأمير محمد بن سلمان، وجاءت الزيارة في سياق تعزيز الروابط الثنائية. كما اجتمع الفريق مهندس كامل الوزير مع نظيره السعودي الدكتور محمد مزيد التويجري، وذلك تفعيلًا للتوجيهات الملكية والرئاسية، في ضوء التوقيع على محضر تشكيل المجلس الذي يعد مظلة شاملة لتطوير العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

وتتفق الرياض والقاهرة في مواقفهما حيال القضايا الإقليمية الراهنة، فعلى الصعيد الدفاعي، عبر الجانبان عن التزامهما بتعزيز التعاون في هذا المجال بما يحقق المصالح المشتركة، وقد أشادا بالتعاون الأمني القائم بينهما وأعربا عن رغبتهما في تعزيزه بمكافحة الجرائم المختلفة.

وفي شأن تطورات الأوضاع في فلسطين، أبدى الجانبان قلقهما البالغ حيال الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وأكدا ضرورة العمل على هدنة مستدامة ورفع الحصار عن القطاع وحماية المدنيين وفقًا للقانون الدولي. كما عبرا عن استنكارها للاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية.

وفيما يتعلق بالشأن اللبناني، أكدت الرياض والقاهرة حرصهما على استقرار لبنان ووحدته، وفي الشأن اليمني دعمتا الحل السلمي للأزمة. وفي جميع المواضيع، تبرز أهمية التعاون بين البلدين من أجل تعزيز الأمن والاستقرار.

في السياق الاقتصادي، شهد العام الجاري نشاطًا ملحوظًا في التعاون التجاري بين الرياض والقاهرة، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، ما يعكس الجهود المستمرة لتعزيز العلاقات الاقتصادية. وقد أكد الجانبان على أهمية تعزيز efforts لتطوير وتنويع قاعدة التعاون وتذليل التحديات، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 11 مليار دولار حتى منتصف 2024، مما يعكس شراكة متينة ودائمة.

وقد شهدت العلاقات الثقافية والفنية تطورًا ملحوظًا أيضًا، حيث استمرت المملكة في المشاركة الفاعلة في الفعاليات الثقافية المصرية، كما يظهر التعاون بين البلدين في مجال التراث الثقافي والإبداع الفني.

وفي سياق تعزيز الروابط الثقافية، تم تنظيم فعاليات أدبية وموسيقية عديدة في كلا البلدين، مما يعكس عمق العلاقة بين الشعبين، ويعتبر التراث الثقافي مشتركاً من أهم دعائم هذه العلاقة.

تستمر الزيارات الرسمية والمشاورات الثنائية في تأكيد رغبة القادة في تعزيز التعاون واستكشاف مجالات جديدة للمساهمة في تحقيق آمال وطموحات الشعوب.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *