من القاهرة إلى نيويورك: إنجاز الدبلوماسية المصرية في الاعتراف الدولي بفلسطين

فى خطوة تاريخية تُعتبر انتصارًا للعدالة الدولية وحق الشعب الفلسطيني الذي عانى لفترة طويلة، جاء إعلان بعض الدول الكبرى عن اعترافها بالدولة الفلسطينية المستقلة ليشكل بداية جديدة في مسار النضال الفلسطيني، ويُبرز النجاح الذي حققته الدبلوماسية المصرية التي وضعت هذا الهدف في مقدمة أولوياتها وسعت بشغف لدفع العالم نحو اتخاذ تلك الخطوة.

وفي هذا الإطار، يُشير المراقبون إلى أن هذه البادرة الإيجابية، وخاصة من قبل الدول الغربية، تُعد ثمرة من ثمار دبلوماسية القمة التي يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسي، فضلاً عن الجهود المستمرة التي بذلتها مصر في المحافل الدولية لحشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين. كما لم يتوانَ الرئيس السيسي عن مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، مؤكدًا أن الحق في إقامة دولة فلسطينية مستقلة هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط، محذرًا من أن تجاهل هذا الحق لن يؤدي إلا إلى تصاعد التوتر وانعدام الاستقرار.

علاوة على ذلك، فإن استقبال الرئيس السيسي للعديد من القادة والمسؤولين الدوليين منذ بداية حرب الإبادة في غزة واطلاعهم على الواقع المأساوي من مدينة العريش أو أمام معبر رفح، قد ساهم بشكل كبير في توعية المجتمع الدولي بحقيقة الأوضاع الكارثية وما تتعرض له غزة من ممارسات غير إنسانية.

ويعكس انعقاد مؤتمر “حل الدولتين” في نيويورك، بدعوة من فرنسا والسعودية خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، الزخم الدولي المتزايد، ويعتبر نتيجة مباشرة للزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر في أبريل الماضي، حيث أتيح له الاطلاع على المأساة القريبة من غزة والتواصل مع الجرحى الفلسطينيين، مما أسهم في تسريع الموقف الفرنسي تجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، انطلاقًا من قناعة بأن الوقت قد حان لضمان فرصة حقيقية للسلام.

في هذا الإطار، يُعَد اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية المستقلة تحولًا جذريًا في موقف دولة ذات تاريخ طويل ارتبط بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ويعكس الجهد لتصحيح مسار تاريخي معقد، حيث كانت بريطانيا قد أصدرت “وعد بلفور” الذي ساهم في تأسيس إسرائيل، لذا فإن هذا الاعتراف يحمل دلالات خاصة إذ يُعتبر إنصافًا لشعب مُنحَت له دولة حلمًا لعقود طويلة.

ويحذر المحللون من أن أي ردود فعل انتقامية من “تل أبيب” نتيجة للاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية لن تفيد إلا في تعميق عزلتها، في ظل تزايد الوعي الدولي حول الانتهاكات التي ارتكبتها سلطات الاحتلال، بدءًا من التدمير والتشريد إلى سياسات الإبادة الجماعية. ومع استمرار هذه الجرائم وغياب خطوات فعالة من المجتمع الدولي لوقفها، يواجه النظام الدولي تحديات كبيرة ويظهر عجزه عن تحقيق العدالة وحماية حقوق المدنيين.

إن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية هو خطوة تتجاوز الأبعاد الدبلوماسية ويعبر عن تحول استراتيجي في موقف العالم تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي؛ فاختيار دول كبرى في هذه اللحظة الحرجة دعم الحق الفلسطيني يؤكد أن المجتمع الدولي لم يعد يقبل بتجاهل ممارسات الاحتلال. وهذا يعزز من فرص إحياء مسار السلام بناءً على حل الدولتين ويضع إسرائيل في موقف دولي مُعزز بالضغط والعزلة.

من هنا، تؤكد الأوساط الدبلوماسية أن مصر، التي كانت دائمًا داعمًا للقضية الفلسطينية، ستواصل جهودها لتعزيز الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وستتصدى بقوة لمخططات التهجير، مع العمل الدؤوب لوقف نزيف الدماء في غزة ومساعدة أهلها، حيث تظل مصر ملتزمة بحشد الجهود الدولية حتى يتحقق حلم الشعوب العربية وكل محبي الحق والعدل والسلام في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *