ما هي احتمالات رد نتنياهو على اقتراح الهدنة؟

ما هي احتمالات رد نتنياهو على اقتراح الهدنة؟

كتب – محمد جعفر:

وسط تفاقم الأزمة في قطاع غزة، أعلنت حركة “حماس”، أمس الإثنين، موافقتها على المقترح المقدم من الوسطاء المصريين والقطريين لوقف إطلاق النار في القطاع، في خطوة قد تشكل نقطة تحول محتملة في مسار التصعيد المستمر، ورغم هذا التطور اللافت، يبقى القرار الحاسم الآن في يد الحكومة الإسرائيلية، التي تواجه خيارات مصيرية بين القبول بالهدنة والسعي نحو استعادة الهدوء، أو مواصلة العمليات العسكرية بدافع الحفاظ على الأمن وردع حماس، وسط مشهد داخلي وخارجي معقد.

وينص المقترح على وقف مؤقت للعمليات العسكرية لمدة 60 يومًا، يتم خلاله إعادة تموضع القوات الإسرائيلية لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، كما يشمل اتفاقًا لتبادل الأسرى، يقضي بإطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثمانًا على دفعتين، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين تحتجزهم إسرائيل.

وفي الساعات الأخيرة صرح مصدر رفيع المستوى بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقناة (12 العبرية)، أن: “سياسة إسرائيل ثابتة ولم تتغير، وأنها تطالب بالإفراج عن جميع الأسرى الخمسين وفقًا للمبادئ التي وضعها مجلس الوزراء لإنهاء الحرب”.

وأشارت القناة العبرية إلى أنه بالرغم من تلك التصريحات القوية، إلى أن المصدر لم يغلق الباب أمام إمكانية تنفيذ الصفقة جزئياً أو على مراحل، لكنه تجنب تحديد ما إذا كان إطلاق سراح الرهائن سيتم دفعة واحدة أم على عدة دفعات منفصلة.

ويأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، داخليًا عبر احتجاجات ومظاهرات، وخارجيًا من خلال إدانات دولية متزايدة وتحركات دبلوماسية للحد من التصعيد، كل ذلك يجعل من قراءة السيناريوهات المتاحة أمام صناع القرار في تل أبيب أمرًا ضروريًا لفهم آفاق المرحلة المقبلة ومصير الصراع.

وفي هذا السياق، يرى الدكتور علي الأعور أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن إعلان حركة حماس موافقتها الرسمية على مقترح “ويتكوف بلس”، يمهد الطريق نحو اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار وصفقة تبادل أسرى، مشيرًا إلى أن هذا المقترح هو في جوهره نفس الطرح الذي سبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تقديمه، ما يعزز احتمالات موافقته عليه.

وأوضح الأعور في تصريحات لـ”مصراوي”، أن مقترح ويتكوف، الذي كانت حماس قد طالبت ببعض التعديلات عليه قبل أسابيع، تم قبوله الآن تقريبا بكامل بنوده وشروطه من جانب الحركة، وقد أرسلت ردها إلى الوسطاء، كما أكدت وسائل إعلام إسرائيلية، أن تل أبيب تسلمت الرد ووصفته بـ”الإيجابي”، مشيرًا إلى أن الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، وبانتظار القرار النهائي من نتنياهو.

وفي ما يتعلق بالعوامل الضاغطة على الحكومة الإسرائيلية، لفت الأعور إلى أن الاحتجاجات الشعبية داخل إسرائيل شكّلت نقطة تحول غير مسبوقة، فقد شهدت تل أبيب ومدن أخرى يوم الأحد الماضي إضرابًا شاملًا قادته عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، بمشاركة أكثر من 100 شركة، وعدد من الجامعات والكليات.

احتجاجات اسرائيلية

وأضاف: “هذه التعبئة الشعبية الواسعة هزّت الداخل الإسرائيلي للمرة الأولى منذ 22 شهرًا، وشكّلت ضغطًا مباشرًا على نتنياهو، خاصة مع تصاعد تحذيرات أهالي الأسرى من خطر القتل في حال استمر القصف الإسرائيلي أو تم اجتياح غزة”.

وأشار الخبير في الشأن الإسرائيلي، إلى أن الرسالة الشعبية كانت واضحة: “إما استعادة الأسرى أحياء من خلال صفقة تبادل، أو تحميل نتنياهو المسؤولية الكاملة في حال مقتلهم”، موضحًا أن التحذيرات التي صدرت عن إيال زمير، رئيس الأركان الإسرائيلي، بشأن الخطر المباشر الذي يتهدد حياة 20 أسيرًا إسرائيليًا محتجزين لدى المقاومة في غزة إذا أصر نتنياهو على قرار احتلال غزة بالكامل دعمت رسالة الأسرى.

صورة 3

في السياق ذاته، أشار الأعور إلى أن إسرائيل تواجه عزلة دولية متصاعدة، وسط اتهامات بالإبادة الجماعية، وحملات مقاطعة متنامية، ومظاهرات عالمية داعمة لفلسطين، ما يزيد من تعقيد الموقف الإسرائيلي ويجعل التوجه نحو صفقة تبادل هو المخرج الأكثر واقعية.

ويعتقد الدكتور الأعور أن نتنياهو الآن بات في مواجهة خيارات محدودة، موضحًا: “بتقديري، نحن أمام صفقة تبادل أسرى قريبة، الضغوط الداخلية والخارجية دفعت إسرائيل إلى مفترق طرق، ونتنياهو أقرب من أي وقت مضى لاتخاذ قرار بالموافقة على مقترح وقف إطلاق النار”.

من جانبه، يرى الدكتور عبد المُهدي مطاوع، المحلل السياسي الفلسطيني، أن ما طُرح من مقترحات حتى الآن هو نسخة مقترح “ويتكوف” الأصلي، دون التعديلات التي كانت تطالب بها حماس في وقت سابق، وهو المقترح ذاته الذي كانت إسرائيل قد وافقت عليه سابقًا من حيث المبدأ، لكن الظروف السياسية الداخلية الآن مختلفة تمامًا.

صورة 4

ويؤكد مطاوع أن هناك اتجاهًا واسعًا داخل إسرائيل يرفض الصفقات الجزئية، خاصة في ما يتعلق بالأسرى، حيث يطالب هذا التيار بـ”إخراج جميع الأسرى دفعة واحدة”، وهو توجه يعكسه موقف مستشار نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، وكذلك ما سبق أن صرّح به نتنياهو نفسه، حين قال إن “الصفقات الجزئية أصبحت خلفنا”.

ومع ذلك، لا يستبعد مطاوع أن تكون الصفقة الحالية بداية جزئية تُمهّد لصفقة شاملة لاحقة، مشيرًا إلى أن السيناريوهات المطروحة أمام نتنياهو لا تزال متعددة، أبرزها:

1- الموافقة على الصفقة الجزئية، مع الإصرار على ربط إنهاء الحرب بتحقيق شروط نتنياهو التي أعلن عنها.

2- الموافقة مع إضافة شروط جديدة، قد تشمل تحديد أعداد الرهائن والأسرى الذين يجب إطلاق سراحهم في المراحل الأولى.

3- رفض الصفقة الحالية والمطالبة بصفقة شاملة من البداية، وإلا التوجه إلى عملية عسكرية موسعة في غزة.

4- الرفض دون تقديم شروط بديلة، ومواصلة المسار العسكري وصولًا إلى اجتياح مدينة غزة.

ويرجّح مطاوع أن نتنياهو لن يرفض بشكل مباشر، بل سيسعى إلى إعادة ضبط شروط الصفقة لصياغتها بطريقة ترضي طرفي الائتلاف، أي الفريق المؤيد للصفقة الجزئية، والفريق المتشدد المطالب بالصفقة الشاملة، موضحًا: “في النهاية، من المرجح أن يسعى نتنياهو إلى حل وسط يُجنبه الصدام المباشر مع الشارع الإسرائيلي وفي الوقت نفسه يُرضي شركائه في الائتلاف الحكومي، دون أن يتخلى بالكامل عن نهجه العسكري أو شروطه السياسية المعلنة”.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *