عبدالله عمر نصيف.. شخصية أثرت في قلوب السعوديين والعرب قبل وفاته

توفي يوم أمس الأحد الدكتور عبدالله عمر نصيف، الأمين العام السابق لرابطة العالم الإسلامي ونائب رئيس مجلس الشورى السعودي الأسبق، عن عمر يناهز 86 عامًا، مخلفًا إرثًا علميًا ودعويًا كبيرًا أثر في العالم الإسلامي بأسره.

وعبّرت جامعة الملك عبدالعزيز في بيان رسمي عن حزنها العميق لرحيله، قائلة: “نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان”. وانتشر خبر وفاته بسرعة، تسبب ذلك في موجة من الحزن في الشارع السعودي، وأثار تعاطفًا واسعًا من مختلف الدول العربية والإسلامية.

حياة مبكرة ومسيرة تعليمية متميزة

ولد الدكتور عبدالله عمر نصيف في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية بتاريخ 5 يوليو 1939. نشأ في بيئة تعليمية متينة، حيث تلقى علومه الأولية في مدارس جدة، وأظهر تفوقًا علميًا منذ سن مبكرة. بعد إنهائه المرحلة الثانوية، التحق بجامعة الملك سعود، حيث حصل على بكالوريوس العلوم في الكيمياء عام 1964. ثم واصل مسيرته الأكاديمية في بريطانيا، محققًا درجة الدكتوراة في الجيولوجيا من جامعة ليدز عام 1971، ما جعله أحد أبرز العلماء السعوديين في مجاله.

مسيرة أكاديمية حافلة بالإنجازات

بعد عودته إلى المملكة، التحق الدكتور نصيف بالتدريس في جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز، حيث تدرج في المناصب الأكاديمية حتى وصل إلى مرتبة الأستاذية. كما كان عضوًا في كل من الجمعية الجيولوجية في لندن والجمعية الجيولوجية الأمريكية، ما يعكس عمق خبراته العلمية. تولى رئاسة قسم الجيولوجيا في كلية العلوم بجامعة الملك عبدالعزيز بين عامي 1973 و1974، ثم تقلد منصب أمين عام الجامعة ووكيلها قبل أن يصبح مديرًا للجامعة في عام 1980، مؤسسًا بذلك مرحلة جديدة من التطوير الأكاديمي والإداري.

الريادة في العمل الإسلامي والعالمي

بعد نجاحه الأكاديمي، انتقل الدكتور نصيف للعمل في الحقل الدعوي والإنساني، حيث تم تعيينه أمينًا عامًا لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عام 1983، كما شغل منصب نائب رئيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي في المملكة. وساهم في تأسيس وإدارة العديد من المشاريع التي تخدم المسلمين حول العالم، أبرزها مشروع الإغاثة الإسلامية “سنابل الخير”، الذي أسهم في التخفيف من وطأة الفقر والجهل والمرض في المجتمعات الفقيرة على نطاق عالمي. كما ركز على دراسة أوضاع الأقليات الإسلامية والعمل على حل مشاكلها عبر برامج علمية وثقافية متنوعة.

عضويات ومناصب عالمية بارزة

تمتد مساهمات الدكتور نصيف إلى نطاق عالمي واسع، فهو عضو في مجلس أمناء جامعة دار السلام في نيو مكسيكو، والكلية الإسلامية الأمريكية في شيكاغو، والأكاديمية الإسلامية في كامبريدج، والأكاديمية الملكية المغربية، ونائب الرئيس الأعلى للجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد. كما شغل رئاسة مجلس أمناء معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية في جامعة فرانكفورت الألمانية، والمراكز الثقافية الإسلامية في جنيف وسيدني، إضافة إلى إشرافه على الجامعات الإسلامية في النيجر وبنجلاديش وشيتاجونج، مؤكدًا بذلك تميزه في ربط العلم والعمل الإسلامي على مستوى عالمي.

المناصب الرسمية والجوائز التكريمية

تقلد الدكتور عبدالله نصيف عدة مناصب رفيعة في المملكة، منها نائب رئيس مجلس الشورى عام 1993، وتأسيسه ورئاسته لمؤسسة عبد الله بن عمر نصيف الخيرية عام 1999، ورئاسته لمجلس هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية عام 2000، ثم رئاسة مؤتمر العالم الإسلامي عام 2001. وقد منحه الملك عبدالعزيز وسام الدرجة الأولى عام 2004، تقديرًا لجهوده المتميزة في خدمة العلم والدعوة والمجتمع الإسلامي، ليصبح بذلك نموذجًا يحتذى به في خدمة وطنه وأمته على حد سواء.

إرث خالد وموروث إنساني

تجسدت جهود الدكتور عبدالله عمر نصيف في الجمع بين العمل الأكاديمي والدعوي والاجتماعي، فترك أثرًا لا يمحى في الحياة العلمية والثقافية والإغاثية للمجتمع الإسلامي. فقد كان حياته مثالًا للالتزام بالقيم الإسلامية، والإخلاص في خدمة العلم والمعرفة، والسعي الدائم لتطوير المؤسسات التعليمية والدعوية. ويستمر إرثه من خلال المشاريع والمراكز التي أسسها والتي ستظل منارة علمية وإنسانية للأجيال القادمة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *