
جنوب سيناء – رضا السيد:
على شاطئ القمر بمدينة الطور، فوجئ رواد البحر بمشهد غير مألوف، تمساح أسود ضخم يتمدد على الرمال وكأنه خرج لتوه من المياه، الدهشة سرعان ما تحولت إلى إعجاب، بعدما اكتشف الجميع أن التمساح ما هو إلا عمل فني متقن صنعه شاب بموهبة لافتة.
إسلام النجار، الشاب الذي يعرفه أهالي الطور باسم “نحات الرمال”، أبهر المتواجدين بقدرته على تحويل الرمال إلى منحوتات واقعية تخدع الناظرين من بعيد. ومع التمساح الأسود، ذهب أبعد من ذلك؛ فقد استخدم الرمال السوداء “طينة البحر” التي جمعها من المناطق الضحلة، لتمنح المجسم لونًا طبيعيًا، بينما استعان بأعقاب السجائر ليصنع منها أسنان التمساح الحادة، في لمسة مدهشة أضفت على المجسم روحًا من الحيوية والواقعية.
المشهد كان لافتًا إلى درجة أن بعض الأطفال أصابهم الذعر، وهربوا من الشاطئ معتقدين أن التمساح حقيقي بالفعل. أما الكبار فالتفوا حول المجسم لالتقاط الصور التذكارية.
ويقول إسلام، في حديثه، إنه شغوف بالفن منذ سنوات، لكنه وجد في الرمال مادة ملهمة وسهلة التشكيل. بدأ الأمر بكتابة أسماء الأطفال على الرمال لإسعادهم، ثم تطور الأمر سريعًا إلى نحت أشكال ومجسمات حيوانية معقدة، “الفن بالنسبة لي ليس تجارة ولا وسيلة ربح، بل شغف وهواية، يكفيني أن أزرع البهجة في نفوس الناس وأترك لحظة لا تُنسى على الشاطئ”، يضيف الشاب الموهوب.
وعن تفاصيل التمساح الأسود، أوضح أنه استغرق في نحته نحو 4 إلى 5 ساعات متواصلة، بداية من نقل الرمال السوداء من البحر وحتى أدق اللمسات النهائية، ورغم أن هذه الأعمال تختفي سريعًا تحت تأثير الأمواج أو خطوات المارة، إلا أن إسلام لا ينزعج: “جمال هذه المنحوتات في لحظتها هي فن عابر لكنه حي، مثل الحيوانات التي أستلهم منها روح الحرية”.
ويؤكد أن شغفه بالحيوانات يأتي من كونها رموزًا ملهمة للإنسان؛ فهي كائنات حرة يمكن التأمل في حركاتها وجمالها، والتعلم منها لهذا، يحرص في كل عمل رملي على تجسيد تفاصيل دقيقة تجعل المشاهد أقرب للحقيقة.
وبين نفايات السجائر وطينة البحر والرمال البيضاء، يواصل “نحات الرمال” رسم الابتسامة على وجوه زوار الطور، مانحًا شواطئ المدينة روحًا مختلفة، حيث يصبح الفن جزءًا من الطبيعة، عابرًا لكنه خالد في ذاكرة من شاهده.