
في أحدث فصل من فصول ملاحقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لخصومه، وبعد ملاحقات لا تزال قائمة لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، اتهمت إدارة ترامب محافظة بنك الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، والسيناتور آدم شيف، والمدعية العامة لنيويورك ليتيتيا جيمس، بالتورط في عمليات احتيال على الرهن العقاري.
فيما يبدو أن الاحتيال في الرهن العقاري أصبح محور اهتمام كبير من إدارة ترامب، مع العلم أن قضايا الاحتيال في الرهن العقاري في عام 2024 في الولايات المتحدة، أسفرت عن مقاضاة ما يقرب من 40 شخصاً، وفقاً للبيانات الفيدرالية.
المتهمون بالاحتيال
في الأسابيع القليلة الماضية، اتهمت إدارة ترامب ثلاثة مسؤولين حكوميين بارتكاب عمليات احتيال في مجال الرهن العقاري من خلال تزوير أو تحريف النوايا في وثائق الرهن العقاري، ودعت اثنين من المسؤولين إلى الاستقالة.
واتهمت إدارة ترامب كل واحد من المسؤولين الحكوميين الثلاثة بالادعاء بامتلاك منزلين منفصلين كمسكن رئيسي، وهو نوع من الاحتيال في الرهن العقاري ليس من أشكال التزوير الشائعة في وثائق القروض.
نادر نسبياً
كتب مات سيغوين، كبير مديري حلول الاحتيال في شركة «كوتاليتي»، وهي شركة بيانات تعمل على فحص طلبات الرهن العقاري للكشف عن الاحتيال المحتمل: «على الرغم من هذه الاتهامات البارزة، فإن الاحتيال في الرهن العقاري نادر نسبياً».
بحلول الربع الثاني من عام 2025، كان حوالي 0.86% فقط من طلبات الرهن العقاري، أو حوالي واحد من كل 116 طلباً، تحمل مخاطر الاحتيال المحتمل، وفقاً لتحليل أجرته شركة «كوتاليتي».
قال سيغوين: «السوق مهيأة لزيادة الاحتيال بسبب استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ سوق الإسكان، وغيرها من تكاليف امتلاك المنازل المتزايدة، مثل القدرة على تحمل تكاليف التأمين».
جرس إنذار
أوضح سيغوين أنه إذا استمرت ظروف السوق في تحدي البائعين، فقد تزداد بشكل كبير مخاطر مثل الدفعات المقدمة المزيفة، والأسعار المتضخمة، والمشترين الوهميين.
والمشترون الوهميون هم مقترضون يحصلون على قروض عقارية وهم يخفون هوية المشتري الحقيقي، أي أنهم يعملون كستار للمقترض الحقيقي.
في حين تدعم مؤسسة «فاني ماي» ربع قروض الرهن العقاري الأميركية، ونظرًا لحجم الطلبات، يصعب على المُقرضين والوكالة الحكومية التدقيق في كل وثيقة قرض، يُعتبر الذكاء الاصطناعي أداةً يُمكن أن تُساعد على تحديد اتجاهات الاحتيال المُحتملة في ملايين طلبات الرهن العقاري، وفقاً لسيغوين.
الذكاء الاصطناعي
في الوقت ذاته عززت إدارة ترامب جهودها للكشف عن عمليات الاحتيال المحتملة من خلال الشراكة مع شركة الذكاء الاصطناعي «بلانتر» Palantir (PLTR)، وفقاً لـ«فاني ماي» (الرابطة الفدرالية الوطنية للرهن العقاري).
أوضحت «فاني ماي»أن الشراكة تهدف إلى اكتشاف ومنع الاحتيال في الرهن العقاري من خلال المراقبة الموسعة للمعاملات الشاذة حتى تتمكن الشركات من اكتشاف الأنشطة المشبوهة والتحقيق فيها.
عمالقة الرهن
«فاني ماي» هو الاسم الشائع للرابطة الفدرالية الوطنية للرهن العقاري وهي إحدى أكبر مؤسسات الرهن العقاري العاملة في السوق الثانوية للرهن في الولايات المتحدة، وهي شركة مساهمة إلا أنها مضمونة من قبل الكونغرس الأميركي.
لا تقدم «فاني ماي» أي قروض للعامة، بل تقوم بتأمين السيولة للمقرضين في سوق الإقراض الأساسية، وتسيطر الشركة مع مؤسسة فريدي ماك على ما يقارب 50% من سوق الرهن العقاري الأميركي أي ما يعادل 3 تريليونات دولار.
ليزا وليتينا
اتهمت المدعية العامة لنيويورك، ليتيتيا جيمس، (الديمقراطية)، بامتلاك منزلين، أحدهما في نيويورك والآخر في فرجينيا، كمسكن رئيسي لها، وشراء عقار لخمس عائلات في بروكلين بقرض لا يُمنح إلا للعقارات التي تضم أربع وحدات سكنية أو أقل.
بينما اتهمت كوك، عيّنها الرئيس جو بايدن في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي عام 2022 مقربة من رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الذي قاوم ضغوط ترامب المستمرة لخفض سعر الفائدة القياسي.
كوك أول امرأة سوداء تشغل منصباً في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، اتهمت بملكية منزلين، أحدهما في ميشيغان والآخر في جورجيا، كمسكن رئيسي لها. كما اتهمها بتأجير العقار في جورجيا رغم ادعائها بأنه مسكنها الرئيسي.
آدم شيف
في منشورٍ نُشر في 15 يوليو على منصة «تروث سوشيال»، كتب ترامب: «خلص قسم الجرائم المالية في فاني ماي إلى أن آدم شيف متورطٌ في نمطٍ مُستمرٍّ من الاحتيال المُحتمل في الرهن العقاري».
أضاف ترامب أن شيف ادّعى بشكلٍ غير دقيقٍ امتلاك منزلٍ ثانٍ في ماريلاند كمسكنه الرئيسي لأكثر من عقدٍ من الزمان.
رداً على هذه الاتهامات، قال متحدث باسم شيف إنه «حصل على السعر الذي اعتبره كل مُقرض مناسباً مع علمه الكامل بالتزامات السيناتور في العمل على الساحلين على مدار العام بصفته عضوا في الكونغرس، واستخدامه لمنزلين لهذا السبب، وجدارته الائتمانية».
سبب التلاعب
يقول بيل بولت، حليف ترامب ورئيس الوكالة الفيدرالية لتمويل الإسكان: «إذا كنت تعيش في منزلك، فمن غير المرجح أن يُحجز عليك أو لا تسدد أقساطك في حال حدوث ركود اقتصادي».
أشار بولت إلى أن الوكالة الفيدرالية تنظم أعمال فاني ماي وفريدي ماك، اللتين تُورّقان الرهن العقاري للسوق الثانوية وتضمنانه أيضًا، لافتاً إلى أن المطالبة بمنزل كمسكن رئيسي في طلب رهن عقاري قد يؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة.
قال بولت: «يُعدّ الادعاء بملكية منزل كمسكن رئيسي، مع عدم الإقامة الفعلية فيه، شكلاً من أشكال الاحتيال في الإشغال، واضاف: «إذا ادّعى شخص ما ملكيته لمسكنين رئيسيين، فهذا غير مقبول، وسنُحيله إلى التحقيق الجنائي».
ماذا يحدث؟
وفقاً للقانون الفيدرالي، عندما يكتشف المُقرض وجود احتيال محتمل، فإنه يقدم تقريراً عن الأنشطة المشبوهة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، كما يبلغ القضية إلى الوكالة التي تدعم الرهن العقاري، مثل فاني ماي أو فريدي ماك أو وزارة شؤون المحاربين القدامى.
في عام 2024، تلقى مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) حوالي 3600 بلاغ عن احتيال محتمل في الرهن العقاري من جهات الإقراض، في حين انه منذ بداية هذا العام، تم الإبلاغ عن حوالي 1900 حالة.
أنواع شائعة
وفقاً لـ«فاني ماي» فإن أكثر أنواع الاحتيال شيوعا في الرهن العقاري هي الاحتيال على الدخل، والاحتيال على الإشغال، والاحتيال على الالتزامات، والاحتيال على الأصول.
في عام 2024، جاءت الحصة الكبرى من حالات الاحتيال في الرهن العقاري من قضايا تتعلق بالدخل، وهذا يعني أن المقترض قدم دخلاً أو عملاً مبالغاً فيه أو مزيفاً، وفقاً لـ«فاني ماي».
◄ الاحتيال في الدخل.. ما يشير هذا إلى قيام المقترض بتضخيم دخله أو الكذب بشأن صاحب عمله لمساعدته على التأهل للحصول على قرض عقاري، وأحيانًا يُنشئ البعض كشوف رواتب وإقرارات ضريبية مزيفة، بل وينشئون حتى صاحب عمل وهمياً عبر الإنترنت.
◄ الاحتيال في الإشغال.. أكثر أنواع الاحتيال شيوعاً اليوم هو قيام شخص ما بتأجير منزل أو استخدامه كمنزل ثانٍ، ولكنه يُصرّح للمقرض بأن المنزل سيكون المسكن الرئيسي للمالك. يمكن للمقترضين الحصول على معدل رهن عقاري أقل على المسكن الرئيسي، ويمكنهم اقتراض أموال أكثر .
◄ احتيال الإشغال العكسي.. يُزيّف المقترض عقاراً يشغله مالكه على أنه عقار للإيجار، عادةً ما يفعل المقترضون هذا لإظهار التدفق النقدي للإيجار عند التقدم بطلب للحصول على قرض جديد. على سبيل المثال، ما يعني التظاهر بتوقع دخل إيجار للتأهل للحصول على قرض، بينما في الواقع لا يحقق ربحاً من العقار.
◄ الاحتيال في الأصول.. وفيه يُزوّر المقترض كشف حساب بنكي ويغيّر المبلغ الذي يبدو أنه يمتلكه بإضافة بضعة أصفار، أو قد يُضيف أحد أفراد عائلته إلى طلب الرهن العقاري مدعيًا أنه يُقدّم هبةً لسداد الدفعة الأولى، بينما هو في الواقع ليس من أفراد عائلته.
◄ الاحتيال في الالتزامات.. يشير هذا النوع من الاحتيال عادةً إلى قيام المقترض بإخفاء التزاماته ليبدو أقل خطورة على المُقرض.