من التدريب العسكري إلى استراتيجيات الردع: تطور الشراكة الدفاعية بين باكستان والسعودية
التعاون الدفاعي بين باكستان والسعودية
دخلت باكستان والسعودية في مرحلة جديدة من التعاون الدفاعي، من خلال توقيع اتفاقية دفاع مشترك تاريخية تُعتبر الأولى من نوعها على هذا المستوى منذ عقود. وقع الاتفاقية رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قصر اليمامة بالرياض، حيث تنص على اعتبار أي عدوان على دولة واحدة هجومًا على الأخرى، مما يعكس تحولًا جوهريًا نحو الأمن الجماعي في منطقة الشرق الأوسط. وأكد البيان المشترك الصادر عن إسلام آباد والرياض أن هذه الاتفاقية تعكس الالتزام المتبادل بين الدولتين في تعزيز أمنهما وتحقيق السلام في المنطقة والعالم، كما تهدف إلى تطوير التعاون الدفاعي وتعزيز الردع ضد أي عدوان دون استعراض التفاصيل التشغيلية أو الآليات.
الشراكة العسكرية المتجددة
تشير الصحف الباكستانية إلى أن توقيت هذه الاتفاقية يحمل دلالات مهمة، إذ جاء بعد القمة العربية الأخيرة التي سلطت الضوء على أهمية الأمن الجماعي، في أعقاب الضربات الإسرائيلية على قطر. وهذا يوضح المخاوف الدفاعية لكلا الطرفين ويضع الشراكة بين الرياض وإسلام آباد في قلب التحولات الإقليمية. زيارة رئيس الوزراء شهباز شريف إلى الرياض رافقها وفد رفيع المستوى، وعُقدت مراسم استقبال رسمية للوفد الذي تم الترحيب به بفاعلية، مما يبرز عمق العلاقات الثنائية.
تُعتبر هذه الاتفاقية أحدث تطور في العلاقات الدفاعية بين البلدين، التي تعود جذورها إلى عام 1967، حين بدأ التعاون الأمني بينهما. تعمق التعاون بعد حادثة الاستيلاء على المسجد الحرام عام 1979، حيث قامت القوات الخاصة الباكستانية بدعم السعوديين لاستعادة السيطرة على الموقع.
في 1982، تم توقيع اتفاقية تعاون أمني ثنائي، مما أتاح لباكستان تقديم التدريب والدعم للسعودية، حيث استمر وجود حتى 20 ألف جندي باكستاني في الأراضي السعودية. وقد أصبح هذا التعاون أكثر أهمية في السنوات الأخيرة بسبب عدم الاستقرار الإقليمي وتعهد السعودية بتوسيع التدريب والتبادل العسكري.
تُمثل الاتفاقية الجديدة توثيقًا شاملًا للالتزامات السابقة، مما يخلق مظلة دفاعية مشتركة بين الدولتين. تقدم الاتفاقية فوائد استراتيجية واقتصادية لباكستان، حيث تؤمن استثمارات سعودية حيوية في ظل الضغوط المالية، وتعزز من مكانتها كمركز إقليمي للأمن. من جهة أخرى، تعزز هذه الاتفاقية من قدرة السعودية على مواجهة التهديدات الإيرانية وغيرها، مما يعكس الحاجة الماسة لضمان ردع فاعل ضد المخاطر الإقليمية.
باختصار، يمثل توقيع اتفاقية الدفاع المشترك تحولًا استراتيجيًا بارزًا، ويعكس إدراك الجانبين للتحديات الأمنية التي تواجههما، مما يوفر إطارًا جديدًا للشراكة القوية بين باكستان والسعودية التي قد تُسهم في تغيير موازين القوى في المنطقة لسنوات قادمة.