التعلم بالممارسة… حين تصبح الحياة هي المدرسة الأجمل - مصدرنا الإخبارى

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التعلم بالممارسة… حين تصبح الحياة هي المدرسة الأجمل - مصدرنا الإخبارى, اليوم السبت 23 أغسطس 2025 11:40 صباحاً

مصدرنا الإخبارى - في كل مرة يطل فيها علينا نحن المنتمين للحركة الكشفية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأمين العام للمنظمة الكشفية العربية الدكتور هاني عبدالوهاب عبر سلسلته المتجددة “قطرة”، يأخذنا إلى عمق المعاني التي تحملها الطريقة الكشفية، تلك المدرسة الفريدة التي لا تقف عند حدود التعليم، بل تنبض بالحياة وتفتح للشباب نوافذ واسعة نحو ذواتهم والعالم من حولهم؛ وفي حديثه الأخير توقف عند مكون يختصر سر الكشفية وعمقها التربوي، وهو “التعلم بالممارسة”، حيث يصبح اللعب درساً، والخطأ معلّماً، والتجربة كتاباً مفتوحاً لا تنفد صفحاته.
الكشفية، كما وصفها الدكتور هاني، ليست قاعة صفوف مكتظة بالمقاعد ولا سبورة جامدة تفرض الدروس، بل هي فضاء واسع يركض فيه الفتية والشباب، يضحكون ويتنافسون ويغامرون، وبين كل لعبة ورحلة ومعمل خلوة يتعلمون ما لا يمكن أن تمنحه البيوت ولا تقدر على غرسه المدارس؛ إنها لحظة يكتشف فيها الفتى أنه قادر، وأن وجوده له معنى، وأن مهاراته الصغيرة حين يجرّبها بيديه تتحول إلى قدرات كبيرة تفتح له أبواب الثقة والإبداع.
وهذا ما أكده اللورد بادن باول، مؤسس الحركة الكشفية العالمية، حين قال إن الكشاف لا بد أن يبدأ بالأخطاء، لأن الإنسان الذي لا يخطئ لا يفعل شيئًا؛ فالخطأ في الكشفية ليس نهاية الطريق بل بدايته، وهو الجسر الذي يعبر عليه الفتى ليكتسب خبرة أعمق ويصنع لنفسه مساراً خاصاً؛ ومن هنا جاءت حكمته الأخرى: “اترك الطفل يفعل بطريقته، ودعه يخطئ ليتعلم”. إنها فلسفة تجعل من التعليم الذاتي الطريق الأصدق، حيث يكتشف المرء بنفسه ما يبقى راسخاً في وجدانه أكثر من أي تعليم مفروض عليه من الخارج.
ولعل هذا المعنى لم يغب عن الفلاسفة والمربين عبر التاريخ، فقد قال أرسطو قبل قرون طويلة: “ما يجب أن نتعلمه، نتعلمه من خلال العمل”؛ ثم جاء التربوي الأمريكي جون ديوي ليعيد صياغة الفكرة في القرن التاسع عشر، مؤكداً أن التجربة هي أصل المعرفة، وأن التعلم الحقيقي هو ما يخوضه الإنسان بيديه وعقله وقلبه معاً؛ فكما لا يتقن العازف آلة موسيقية إلا بعد ساعات طويلة من الممارسة، كذلك لا يتقن الإنسان فنون الحياة إلا حين يعيشها ويجربها ويسقط ويقوم من جديد.
إن ما يقدمه الخبير الدكتور هاني في “قطرة” ليس مجرد حديث تربوي، بل هو استدعاء لجوهر الكشفية باعتبارها مدرسة للحياة؛ فهي تعلم أبناءها أن الخطأ ليس عيباً، بل درساً، وأن الممارسة ليست مجرد وسيلة بل غاية تضيء دروبهم، وأن التجربة هي التي تصنع القناعة والالتزام؛ ومن هنا تتحول الكشفية إلى مساحة إنسانية تمنح الشباب فرصة أن يكونوا أنفسهم بصدق، وأن يخرجوا إلى المجتمع وهم أكثر إيماناً بقدرتهم على العطاء، وأكثر استعداداً لصنع أثر لا يُنسى.
ولأبنائنا الكشافين نقول: لا تخشوا التجربة، ولا تترددوا أمام الأخطاء، فالحياة لا تعلّمنا ونحن نراقبها من بعيد، بل ونحن نغوص في تفاصيلها ونعيش مغامرتها؛ وللقادة نهمس: دعوا أبناءكم يجربون، وامنحوهم فسحة الخطأ، ففي تلك اللحظة يولد الاكتشاف، وتتشكل الشخصية، ويُبنى المستقبل.

مبارك بن عوض الدوسري
@mawdd3

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق