مساعدات المغرب لغزّة رسالة تحمل في طيّاتها أبعاداً إنسانيّة وسياسيّة ودينيّة - مصدرنا الإخبارى

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مساعدات المغرب لغزّة رسالة تحمل في طيّاتها أبعاداً إنسانيّة وسياسيّة ودينيّة - مصدرنا الإخبارى, اليوم الخميس 21 أغسطس 2025 08:16 مساءً


مصدرنا الإخبارى - الرباط: كريم السعدي 

في لحظة إنسانية فارقة يعيشها قطاع غزة، حيث تتزايد معاناة السكان تحت وطأة الحصار وشح المساعدات، جاءت مبادرة ملك المغرب محمد السادس كنافذة أمل تحمل معها حوالي مئة طن من المواد الغذائية والأدوية. 
ويرى المراقبون أن هذه المبادرة ليست مجرد شحنة إغاثية عابرة، بل هي رسالة مركّبة تحمل في طياتها أبعاداً إنسانية وسياسية ودينية، تؤكد مرة أخرى أن التضامن الحقيقي يُقاس بالفعل لا بالشعارات.

تضامن في توقيت دقيق

جاءت خطوة ملك المغرب في لحظة يتصاعد فيها الخطر الإنساني. ذلك أن التقارير تتحدث عن سوء تغذية حاد وبوادر مجاعة تلوح في الأفق، فيما المساعدات الإنسانية العالمية نادرة، إن لم نقل شبه متوقفة. 
في سياق ذلك، يكتسب القرار المغربي ثقلاً خاصاً؛ إذ يمثل استجابة عملية لحاجة ملحّة، وليس مجرد إعلان تضامني في بيانات إعلامية.

 

 

مسار مختلف… وواقعية في التنفيذ

إذا كانت آلاف الشاحنات لا تزال عالقة عند معبر رفح (أكثر من 5000 شاحنة بانتظار الدخول)، وإذا كانت المساعدات الجوية عبر الأردن قد تحولت إلى مأساة أودت بحياة أشخاص وأثارت جدلاً حول الكرامة الإنسانية، فإن المغرب اختار طريقاً آخر يتمثل في استعمال طائرات عسكرية ومدنية مغربية تقل المساعدات مباشرة، يعقبها توزيع سريع عبر شاحنات داخل القطاع.
هذا المسار يعكس براغماتية واضحة؛ فالأولوية هنا ليست للمكاسب السياسية أو للخطابات، بل لوصول المساعدة بأقصر الطرق إلى المستفيد الفلسطيني.

إشراك الفلسطينيين… وضمان الشرعية

تبقى الإشارة إلى أن المبادرة المغربية لم تكن أحادية الجانب. ذلك أن المغرب سلّم زمام التوزيع للهلال الأحمر الفلسطيني، أحد أبرز الهياكل الرسمية المحلية، وبالتنسيق مع السلطات الإسرائيلية. 
هذه الصيغة تعطي العملية شرعية مزدوجة: من جهة فلسطينية تضمن الشفافية، ومن جهة إسرائيلية تضمن المرور دون عراقيل.
وفي جو إقليمي يختلط فيه الدعم الإنساني بالاستثمار السياسي، يبرز هذا الخيار كترجمة واضحة لمبدأ: "المساعدة للفلسطينيين، وبأيدي الفلسطينيين”.

الرمزية… حين يلتقي الدين بالتاريخ

إن محمد السادس لا يتحرك فقط بصفته ملك المغرب، بل بصفته أيضاً رئيس لجنة القدس، وهو ما يضفي على هذه الالتفاتة بعداً رمزياً مضاعفاً. فهي امتداد لدور تاريخي للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية، من خلال الأفعال الملموسة لا عبر الشعارات. ومن ثم فإن الفلسطينيين  أنفسهم يدركون ذلك، ويعتبرون أن المغرب يسخّر شبكة علاقاته الدولية لمصلحتهم، بعيداً من المزايدات أو الحسابات الظرفية.

فراغ إقليمي… وتميّز مغربي

ولئن كانت المبادرة المغربية تكشف حقيقة لا يمكن إنكارها ألا وهي وجود فراغ اقليمي في الدعم العملي لغزة. فإن الكثير من الدول اكتفت بتصريحات مؤيدة أو بيانات سياسية، لكن على الأرض، لم ينجح سوى المغرب في إيصال مساعدات بهذا الحجم، وبهذا الشكل المباشر.
إنها معادلة بسيطة تكمن في توافر مصداقية في الخطاب، والتزام في الموقف، وجدية في التنفيذ.

ديبلوماسية مغربية ناعمة

تحمل المبادرة الملكية المغربية كذلك رسالة ديبلوماسية مفادها أن المغرب يقدم نفسه كفاعل مسؤول، قادر على الجمع بين الشرعية الدينية (لجنة القدس)، والقدرة اللوجستية (النقل المباشر)، والرأسمال الديبلوماسي (قبول مختلف الأطراف). هذه العناصر تجعل من القضية الفلسطينية رافعة لصورة المغرب دولياً، ليس كطرف يكتفي بالتضامن اللفظي، بل كدولة تبني قوتها الناعمة عبر الأفعال لا الأقوال.

في غضون ذلك، ثمة قناعة لدى كثير من المراقبين مفادها أن المساعدات المغربية الإضافية إلى غزة تتجاوز كونها أطناناً من الغذاء والدواء. بقدر ما هي رسالة إنسانية وديبلوماسية تقول إن التضامن مع فلسطين لا يُختصر في الشعارات، بل يُقاس بالقدرة على الوصول إلى المحتاجين في أصعب الظروف.
ففي لحظة يعاني فيها الفلسطينيون العزلة والحرمان، يبرز المغرب كصوتٍ وعملٍ ملموس، يؤكد أن دعمه لفلسطين ليس موقفاً عابراً، بل مسار استراتيجي ثابت متجذر في التاريخ والشرعية والالتزام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق