الصين والهند في زمن ترامب... خصمان مضطران إلى الشراكة؟ - مصدرنا الإخبارى

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الصين والهند في زمن ترامب... خصمان مضطران إلى الشراكة؟ - مصدرنا الإخبارى, اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 04:11 مساءً

مصدرنا الإخبارى - عدوّ عدوّي هو صديقي... قد يكون التقارب بين الهند والصين حالياً حالة تُجسّد هذا المثل.

كان من المفاجآت السارة للصين أن ترى منافستها العالمية الأولى، الولايات المتحدة، تدخل في صراع مع أكبر منافس لها في آسيا، الهند. فالعلاقات بين واشنطن ونيودلهي متوترة بعدما فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق من هذا الشهر رسوماً إضافية  على السلع الهندية وصلت إلى 50%، بسبب شراء الهند النفط من روسيا.

تربط الهند والصين علاقة معقدة. فهاتان الدولتان، اللتان تعدان أكثر دول العالم سكاناً، خصمان إقليميان. وتشهد العلاقات بينهما توتراً شديداً منذ الاشتباكات الحدودية التي وقعت في عام 2020 وأدّت إلى مقتل جنود من الجانبين.

ومنذ أن شنّ ترامب حرباً تجارية ضد البلدين، سرّعت الهند والصين جهودهما لإصلاح العلاقات، إذ يستعد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لزيارته الأولى للصين منذ سبع سنوات لحضور قمّة منظمة شنغهاي للتعاون في 31 آب/أغسطس.

وقال محللون إن التحسّن البطيء ولكن المطّرد في العلاقات الصينية الهندية اكتسب زخماً بسبب الحرب التجارية التي شنّها ترامب. وأفادوا بأن البلدين يدركان أنهما قد يحتاجان إلى الاعتماد على علاقات تجارية أخرى لدرء الأضرار الجسيمة التي لحقت باقتصاداتهما، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

وفي هذا الصدد، يقول الباحث المختص بالشأن الصيني وارف قميحة، لـ"النهار"، إن "التقارب الواضح هذا الأسبوع بين الصين والهند هو رد فعل على الضغط الأميركي سواء عبر الرسوم الجمركية أو العقوبات... الطرفان يحاولان ملء الفراغ الاستراتيجي وتخفيف التوتر عبر إجراءات عملية مثل استئناف الرحلات والمعاملات التجارية".

ويضيف: "هذا الانفتاح المفاجئ لا يمكن قراءته بعيداً عن المتغيرات الدولية الراهنة، وفي مقدمتها السياسات الحمائية التي انتهجتها إدارة ترامب. فرفع الرسوم الجمركية على صادرات الصين والهند على حدّ سواء، إلى جانب توتر العلاقات بسبب استيراد نيودلهي للنفط الروسي، شكّل حافزاً للهند لإعادة حساباتها والبحث عن بدائل تقلل من اعتمادها على السوق الأميركية. وفي المقابل، وجدت الصين في السوق الهندية الضخمة متنفساً يساعدها على تخفيف وطأة الحرب التجارية مع واشنطن".

العلاقات الى تحسّن
بدأ الانفراج جدّياً في تشرين الأول/أكتوبر الماضي عندما التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ مع مودي في قمّة الاقتصادات الناشئة في روسيا. 

منذ محادثات روسيا، خففت الدولتان قيود تأشيرات السفر وتعملان على استئناف الرحلات الجوّية المباشرة. في حزيران/يونيو، سمحت بكين للحجاج من الهند بزيارة الأماكن المقدسة في التيبت. وقال راندير جايسوال، المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية، الأسبوع الماضي، إن الصين والهند تجريان محادثات لإعادة فتح ثلاثة مراكز تجارية على طول حدودهما الجبلية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

وهذا الأسبوع، زار وزير الخارجية الصيني وانغ يي الهند لإجراء الجولة الأخيرة من المحادثات حول القضايا الحدودية والقضايا الاقتصادية والتجارية. 

وقال وانغ من نيودلهي إن الهند والصين يجب أن تنظر كل منهما إلى الأخرى على أنها "شريكة" لا "خصم أو تهديد". وبحسب قناة "بي بي سي"، تُعدّ هذه الزيارة أحدث مؤشر على ذوبان الجليد في العلاقات بين الجارتين النوويتين.

ويقول قميحة، لـ"النهار"، إن "الواقع الجيوسياسي يفرض على البلدين قدراً من التعاون. فهما عضوان أساسيان في تجمعات مثل بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، ما يجعل التنسيق بينهما ضرورة لا خياراً ترفياً"ً. 

 

رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي ووزير خارجية الصين وانغ يي (أ ف ب).

 

تعاون اقتصادي
وبحسب "بلومبيرغ"، تحتاج كل من الصين والهند إلى الأخرى في الوقت الحالي، خاصة في الوقت التي تتطوّر فيه العلاقات الاقتصادية بينهما.
ويبلغ حجم التجارة بين البلدين حوالي 130 مليار دولار، وهي تقريباً نفس حجم التجارة بين الولايات المتحدة والهند، بحسب "وول ستريت جورنال". لكن الهند تشتري من الصين أكثر بكثير مما تشتريه من الولايات المتحدة.

وتمتلك الصين مجموعة متنوّعة من التقنيات والمواد الحيوية التي تحتاج إليها الهند لدعم طموحاتها الصناعية. وترى الصين في الطبقة الوسطى المتنامية في الهند سوقاً استهلاكية جديدة مهمّة.

مع ذلك، يرى قميحة أن "هذا التقارب الاقتصادي بين الصين والهند لا يعد تحولاً استراتيجياً عميقاً، بقدر ما هو استجابة تكتيكية وُضعت في سياق مواجهة الضغوط الأميركية ومحاولة تعزيز النموّ الاقتصادي".

ويضيف: "الخطوات الأخيرة مثل استئناف الرحلات، تسهيل التأشيرات، وتدفق المعادن والتكنولوجيا تعكس رغبة متبادلة في ترميم الثقة الاقتصادية".

 

خلافات استراتيجية
كذلك، يشير قميحة إلى أن التقارب بين البلدين "استراتيجي محدود وواقعي وليس تحالفاً كاملاً، بالنظر إلى استمرار الخلافات العميقة".

ويوضح أن "التقارب الاقتصادي لا يلغي حقيقة وجود خلافات استراتيجية عميقة: النزاع الحدودي المزمن في الهيمالايا، الشراكة الدفاعية المتنامية بين الهند والولايات المتحدة، والعلاقة الخاصة التي تجمع بكين بإسلام آباد".
يواجه البلدان إذن خلافات استراتيجية جوهرية من غير المرجح أن يتم حلها. وفي التفاصيل، لا يزال من الممكن أن تشتعل النزاعات الحدودية، حيث أقام كلا البلدين بنية تحتية دائمة على طول الحدود في السنوات الأخيرة استعداداً لنزاع محتمل في المستقبل.
في الوقت نفسه، تُعدّ الصين أقوى حليف لباكستان، التي استعانت بطائرات صينية في الصراع الأخير مع الهند.
وتستضيف الهند الدالاي لاما، الزعيم البوذي التيبتي في المنفى الذي تعتبره بكين انفصالياً بسبب دعوته إلى مزيد من الحكم الذاتي لمنطقة التيبت التي تسيطر عليها الصين. 
كذلك تتنافس القوتان على النفوذ في المحيط الهندي، الممر المائي الحيوي لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها بكين.
تتفاءل الصين بحذر تجاه الهند، معتبرة أن هذا التغيير قد يكون مجرد مناورة للتحايل على إدارة ترامب، حسبما قال محللون، وكان أحد أكبر دوافع التوتر معها من وجهة نظر الصين هو الشك في أن نيودلهي تتخلى عن سياستها الخارجية غير المنحازة تاريخياً للتقرّب أكثر من واشنطن. وتشير بكين إلى مجموعة الدفاع الرباعية، التي تضم أربع ديموقراطيات كبيرة - الهند والولايات المتحدة واليابان وأستراليا - لمواجهة صعودها العسكري.

وبالنسبة إلى الصين، المصالحة الكاملة تنطوي على مخاطر استراتيجية أيضاً، فهي تتوخى الحذر  بشأن نقل خبرتها الصناعية. بالنسبة إلى الشركات الصينية، فإن إغراء السوق الهندية هائل، ولكن الخوف من أن الشراكات الحالية قد تؤدي في نهاية المطاف إلى ظهور منافس قوي هو أمر خطير، بحسب "بلومبرغ".

ويقول قميحة: "في المحصلة، ما نشهده هو استئناف اقتصادي براغماتي متوازن. الهند تحاول الحفاظ على توازن دقيق بين الاستفادة من الشراكة الصينية وحماية مصالحها الاقتصادية، فيما توفر الصين أسواقاً جديدة وتخفيفاً للضغط الخارجي".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق