في خطوة جديدة نحو تعزيز التعليم الفني وربطه بسوق العمل العالمي، شارك الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، في الجلسة الافتتاحية لمنتدى مجلس الأعمال المصري الياباني على هامش مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا “تيكاد ٩”.
وخلال كلمته، استعرض الوزير ملامح خطة مصر لتطوير التعليم قبل الجامعي وخاصة التعليم الفني، مؤكدًا أن مدارس التكنولوجيا التطبيقية تمثل نموذجًا واعدًا لإعداد أجيال قادرة على المنافسة محليًا ودوليًا.
ومع الإعلان عن وصول عدد هذه المدارس إلى ١٠٥ مدرسة على مستوى الجمهورية، تتجه الوزارة للتوسع الكبير في التجربة بالتعاون مع شركاء دوليين وصناعيين وفي هذا السياق، ينقل موقع كشكول آراء مجموعة من الخبراء التربويين حول هذا البيان وأهمية هذه الخطوة لمستقبل التعليم الفني في مصر.
دور المدارس التكنولوجيا التطبيقية في خدمة سوق العمل
قال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لموقع “كشكول”، إن الأمل معقود على قطاع الصناعة للنهوض بالاقتصاد المصري، وتسعى الدولة لتحقيق النهضة الاقتصادية مرتكزة على مجموعة من الدعائم القوية، والتي تشمل تشجيع الاستثمار وتوطين الصناعات المتقدمة، ولا شك أن توافر العنصر البشري المدرب يعتبر هو المحور الأساسي للتنمية، ومن هنا كان السعي لتطوير التعليم الفني وتحويله إلى تعليم تكنولوجي متقدم بمواصفات عالمية وفقا لمتطلبات سوق العمل، مؤكدا أن وجود العنصر البشري المؤهل والمدرب يُعد من عناصر الجذب المهمة للاستثمارات وأحد الركائز الأساسية لتطوير الصناعات والنهوض بها.
وأوضح حجازي، أن مدارس التكنولوجيا التطبيقية تقدم خدمات تعليمية متميزة بالتعاون المباشر مع سوق العمل، والذي يتيح فرصا للتدريب بالإضافة إلى المشاركة في التقييم، كما أن هذه المدارس تسعى إلى إعداد خريجين قادرين على المنافسة عبر تزويدهم بالمهارات والمعارف الحديثة، بما يواكب متطلبات الاقتصاد المحلي والدولي.
وأضاف حجازي، أن هذه المدارس تعمل على بناء شخصية الطالب معرفيا ووجدانيا وفقا لما يتطلبه سوق العمل الدولي، فيتخرج الطالب وقد اكتسب المهارات والاتجاهات وقيم العمل والمعارف اللازمة ليكون فنيا متميزا قادرا على الإبداع والتطوير وليس مجرد تشغيل الآلات. وجدير بالذكر أن جميع هذه الجوانب يتم تقييمها لدى الطالب.
تربوية: التعليم التكنولوجي يفتح فرص عمل برواتب أعلى
قالت الدكتورة حنان إسماعيل أن وزارة التربية والتعليم تسعى لمواكبة التوجهات العالمية والتحول الرقمي من خلال تطوير التعليم الفني وتحويل ما يقرب من 1270 مدرسة فنية إلى مدارس تكنولوجية تطبيقية، باعتبارها مسارًا عمليًا ومهنيًا يتماشى مع متطلبات سوق العمل والثورة الصناعية الخامسة، وأوضحت أن هذا التطوير لا يلغي التعليم التقليدي، لكنه يمثل خيارًا أكثر تقدمًا يمنح الطلاب بدائل متنوعة تتوافق مع ميولهم وقدراتهم.
أشارت، في تصريحاتها لموقع “كشكول”، إلى أن التعليم التكنولوجي التطبيقي يعد نقلة نوعية في مجال التعليم الفني، حيث يمنح الطلاب فرص توظيف أفضل ورواتب أعلى قد تتجاوز 6 آلاف جنيه، مقارنة بخريجي التعليم التقليدي الذين يواجهون منافسة شديدة وفرص عمل محدودة، كما يتميز هذا النوع من التعليم بدمج المناهج النظرية بالتطبيق العملي، وهو ما يواكب احتياجات الشركات والمصانع، ويؤهل الخريجين للحصول على شهادات معترف بها عالميًا وفرص للعمل داخل مصر وخارجها.
ورغم المميزات، أوضحت إسماعيل أن هناك تحديات تواجه هذا المسار، أبرزها محدودية انتشار المدارس التكنولوجية مقارنة بعدد الطلاب، والحاجة إلى كوادر مؤهلة للتدريس، ومناهج حديثة، وتجهيزات متطورة، وشددت على ضرورة التوأمة مع القطاع الخاص لدعم هذه المدارس عبر تحديث المناهج، وتوفير تدريب عملي حقيقي للطلاب داخل أماكن العمل، إلى جانب المساهمة في التجهيزات والدعم الفني.
ولفتت إلى أن الدولة وفرت مسارًا ممتدًا لخريجي المدارس التكنولوجية عبر كليات تكنولوجية متخصصة تضمن لهم الاستمرار في التعليم العالي بشكل أكثر تخصصًا من خريجي الثانوية العامة، وأكدت أن هذا التوجه يعزز فرص العمل، ويحد من البطالة، ويحقق التوازن بين مختلف التخصصات الجامعية، خاصة مع التوسع الاستثماري في مصر واحتياج السوق المحلي والدولي لخريجي التعليم التطبيقي المبني على الجودة والمعايير العالمية.
تربوي: تحويل التعليم الفني إلى تكنولوجيا تطبيقية نقلة نوعية
قالت الدكتورة بثينة كشك، المستشار التربوي والتعليمي، إن تحويل بعض مدارس التعليم الفني إلى مدارس فنية للتكنولوجيا التطبيقية والتعليم المزدوج يُمثل نقلة نوعية للتعليم الفني، خاصة مع تنوع وكثرة كليات التكنولوجيا ونظم المعلومات التي باتت متاحة أمام الطلاب.
وأضافت، في تصريحاتها لموقع “كشكول”، أن هذا التوجه أصبح ضرورة في عصر تتحدث فيه التكنولوجيا عن نفسها، وهو ما يفرض على الدولة تطوير المنظومة التعليمية لمواكبة المتغيرات العالمية ومتطلبات سوق العمل الحديث.
وأشارت إلى أن نجاح هذه الخطوة يتطلب توافر المعلم المتدرب جيدا، إلى جانب الأدوات والأجهزة والمعدات الصناعية اللازمة لتأهيل الطلاب بشكل عملي وعلمي متكامل.
أستاذ مناهج: المدارس التكنولوجية تطبيق للنموذج الياباني
قال الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، إن وزارة التربية والتعليم الفني تتجه إلى تطوير التعليم باعتباره يمثل رأس المال البشري، موضحًا أن قرار تحويل المدارس الفنية إلى مدارس تكنولوجية يأتي بهدف وضع التعليم الفني في إطار التعليم الدولي وخاصة النموذج الياباني، وأكد أن الهدف هو إعداد خريج قادر على المنافسة في سوق العمل الداخلي والخارجي، ومؤهل للحصول على فرص عمل وفق المعايير الدولية.
وأضاف شحاتة، لـ “كشكول”، أن نموذج مدارس التكنولوجيا التطبيقية يُجسد هذا التوجه، حيث يعد مطلبًا مجتمعيًا يحقق الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص. وأشار إلى أن هذه المدارس تُسهم في تلبية احتياجات سوق العمل من خلال توفير خريجين مؤهلين بمهارات عصرية متوافقة مع المعايير العالمية.
وأوضح شحاتة، أن نجاح التجربة يتطلب توفير بنية تحتية قوية لهذه المدارس، إلى جانب دعم فني يشارك في تمويله رجال الأعمال والقطاع الخاص، باعتبار أن مخرجات هذه المدارس التكنولوجية التطبيقية هي في الأساس مدخلات لمصانع وشركات القطاع الخاص، وشدد على أن هذا التوجه يمثل نقلة نوعية للارتقاء بالتعليم الفني وصناعة خريج فني جديد وفق المعايير الدولية.