
أ. أحلام محسن زلزلة
مذ وُلدنا، وفي أفواهنا مغرفة من الصّبر، نتلقّف به مكاره الدّهر.
رأسي لا يسع الحروب والزّلازل وسقوط المدن، بل متفرّغ ليل نهار لملء خزان الماء.
الـ”صّهريج” صار الوعد المنشود وهدير محرّكه يشبه زئير وحش يفتح فمه في الحي فنهرع جميعًا إلى الشّرفات ننادي كالمستغيثين: “ماء… ماء…”
يصلُ نداءُنا إلى المحيطِ الهادئِ ولا يصل إلى أذنيّ بائع الماء، الّذي يشبه خرطومه الطّويل شعر “شمشونَ الجبّار”، ثمّ يبدأ بفرزنا كلّ حسب مذهبه وانتمائه كمن يؤمّن التّوازن المعيشيّ بتوزيع نسبة المياهِ.
ولحسن الحظّ، كنت من بين الّذين شملهم صاحبنا بعطفه، وللحقّ لم يكن لديّ دعم من أيّ جهة أمنيّة أو سياسيّة، ولا علامات وجاهة ملموسة.
بل، وعلى العكس، حظيت منه بابتسامة دون أن يبتسم،
فتخايلت نفسي أرتمي في حقول عبّاد الشّمس، وأطرب لغناء الطّيور العذب.
الحمد لله! زال الهمّ، وامتلأ الخزّان بالماء…
ثم، ما لبث الوجيه أن قطع أجمل أحلامي،
مشيراً إليّ بدفع المبلغ، دون أن يرفع رأسه!
وبلمح البصر، أخذت الأموال تَهطل عليه كزخّات المطر…
وقتها، أخذت راحتي بالشّتائم،
فلا أحد سيسمعني من صوت الهدير الزّلزالي في الحيّ!
اللّعنة! أهدرت عمري في تقليب أوراق الكتب وأيّامي، دون جدوى…
ماذا لو امتلكت صهريج ماء أدير به القمر بإصبعي،
وأتحكّم بالبلاد والعباد؟
ثمّ اللّعنة!
كيف سأشتري بهذا الرّاتب النّحيل مياه الشّرب من السّوبر ماركت؟
ومياه الطّبخ من محلّ تكرير المياه؟
والمياه الغازيّة لتسهيل الهضم وترطيب الجسم؟
وماء الزهر لرشّه على وجهي عند الإغماء، في حال ارتفاع الحرارة أو تأخّر الصّهريج “المتعمّد”؟!
نحن المواطنين الصّامدين،
نهزّ رؤوسنا باستخفاف
عند كلّ منعطف أو تحوّل في المراحل الحسّاسة،
نواصل مكافحة الأوضاع المزريّة بضحكٍ… مزيّف!
ونردّد خيبات كأنّها النّشيد الوطني الرّسمي للبلاد:
“عادي”… “بسيطة”… “غداً أجمل”!