
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من محاولة تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي ينشط في ليبيا، الاندماج مع شبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، التي تتورط في تهريب الأسلحة والبضائع ونقل المقاتلين.
وأرسل غوتيريس إلى مجلس الأمن الدولي التقرير الحادي والعشرين عن التهديد الذي يشكله «داعش» على السلام والأمن الدوليين، وجهود الأمم المتحدة لدعم الدول في مكافحة هذا التهديد.
وأكد غوتيريس، في التقرير المرسل للمجلس مطلع أغسطس، انزواء التنظيم على الصعيد العملياتي، إلا أنه يحاول الحفاظ على موطئ قدم له من خلال شبكات الجريمة، وهذا ما كشفته سبعة اعتقالات نفذتها السلطات الليبية في العام 2025، واستهدفت أفرادًا مرتبطين بشبكات لوجستية ومالية تابعة للتنظيم في منطقة الساحل الأفريقي.
التنظيم حافظ على أدواته الدعائية
وحافظ التنظيم والجماعات التابعة له على مستوى عالٍ من الإنتاج الدعائي الذي استمر في استخدامه كأداة للتجنيد وجمع التبرعات، وقد تزايدت المخاوف بشأن التهديد الذي يمثله المقاتلون الإرهابيون الأجانب.
وحسب المصدر ذاته، لم يؤكد «داعش» رسميًا هوية قائده العام، الذي تبنى اسم أبوحفص الهاشمي القرشي، وقد يرجع تأخر تأكيد هويته إلى القلق من جعله هدفًا لعمليات مكافحة الإرهاب، أو لتجنب الأسئلة حول شرعيته، حيث ظلت بعض الدول الأعضاء تعتقد أنه عبدالقادر مؤمن (صومالي الجنسية) بيد أن الآراء ظلت منقسمة.
وأكد التقرير استمرار استنزاف الصفوف القيادية في التنظيم، لافتًا إلى مقتل عبدالله مكي مصلح الرفيعي، المعروف باسم «أبوخديجة»، في مارس الماضي بمحافظة الأنبار العراقية. وقد شغل الرفيعي عدة مناصب بارزة، من بينها نائب القائد المسؤول عن تخطيط العمليات ورئاسة المكاتب الإقليمية لـ«داعش» في العراق وسورية وتركيا وعموم بلاد الشام، وعلى الرغم من أهمية موقعه، رجحت الدول الأعضاء أن وفاته لن تؤدي إلى اهتزاز الشبكة العالمية للتنظيم، التي اعتادت استيعاب مثل هذه الخسائر والعودة إلى نشاطها خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر.
وأشار التقرير إلى مواصلة التنظيم تحويل ثقله نحو القارة الأفريقية، حيث انعكس ذلك بوضوح في عملياته وأولوياته الدعائية. فقد برز فرع «داعش» في غرب أفريقيا كالأكثر نشاطًا على مستوى الإنتاج الإعلامي المتطرف، وشهدت ولاية بورنو في نيجيريا عدة هجمات معقدة استهدفت منشآت أمنية ومدنيين. وقدرت بعض الدول الأعضاء عدد مقاتليه بين 8 و12 ألف عنصر، مع وجود مؤشرات على تدفق مقاتلين إرهابيين أجانب، معظمهم من غرب أفريقيا، خلال العام الماضي.
«داعش» في منطقة الساحل والصحراء
وفي المقابل، ظل تنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى محصورًا في نطاق جغرافي ضيق، لكنه أظهر تصميمًا على التوسع خصوصًا داخل النيجر. ويعزو التقرير استمرار وجود هذا الفرع إلى هدنة غير معلنة مع جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم القاعدة، استنادًا إلى هدف مشترك يتمثل في استهداف قوات الأمن في منطقة الساحل. ومنذ أواخر 2024، بدا التنظيم عازمًا على توجيه عملياته نحو الحدود الشمالية الغربية لنيجيريا، معتمدًا على جماعة محلية تعرف باسم «لاكوراوا»، التي أفادت تقارير بأنها بايعته.
أما في شرق أفريقيا، فشن التنظيم في الصومال هجومًا لافتًا في 31 ديسمبر 2024 على قاعدة أمنية في ضرجالي بمنطقة بونتلاند، نفذه في معظمه مقاتلون أجانب من أصول عربية. وأسفر الهجوم المضاد للقوات الحكومية، المدعوم دوليًا، عن مقتل نحو 200 من مقاتلي «داعش» واعتقال أكثر من 150 آخرين. وأشارت تقديرات الدول الأعضاء إلى أن ما يزيد على نصف مقاتلي التنظيم في الصومال، الذين يتراوح عددهم بين 600 و800 عنصر، هم من أصول أجنبية، معظمهم من شرق أفريقيا وشمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، وسط مخاوف من عودة التهديد إذا ما خف الضغط العسكري والأمني.
وفي جنوب القارة، قدرت دول أعضاء عدد مقاتلي فرع «داعش» في مقاطعة كابو دلغادو بموزمبيق بين 300 و400 عنصر، فيما واصل جناحه في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بقيادة موسى بالوكو، نشاطه عبر وحدات قتالية صغيرة ومتحركة، متجنبًا التمركز الطويل في مواقع ثابتة.
– لا حوادث للعام الثاني.. ليبيا تسجل أكبر تحسن في المنطقة بمؤشر الإرهاب
– بدء استخراج رفات آلاف ضحايا «داعش» من مقبرة جماعية بالعراق
– القبض على 11 عنصرا من تنظيم «داعش» في العراق
ولفت التقرير إلى أن التنظيم واصل استغلال الفضاء الرقمي، مجربًا منصات تواصل مختلفة لترويج دعايته وتمجيد العنف، مع تصوير «الحياة في ظل حكم التنظيم» بصورة مثالية بغرض التجنيد وجمع التبرعات. وأكد أن «داعش» استعان أيضًا بتقنيات الذكاء الصناعي لتعزيز إنتاجه الإعلامي، في محاولة لتغذية نزعات التطرف وتوسيع قاعدة أنصاره.
وختم غوتيريس بالتنبيه إلى أن تهديد «داعش» والجماعات الموالية له ما زال يتميز بالقدرة على التكيف والامتداد عبر الحدود، مع توسيع نطاق عملياته في أفريقيا بشكل خاص، داعيًا الدول الأعضاء والشركاء إلى تعزيز استجابات منسقة تراعي الخصوصية الإقليمية وتستند إلى القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني وحقوق الإنسان، مع التشديد على أهمية تمكين الدول نفسها من قيادة جهود التصدي للإرهاب ومعالجة جذوره.