في الذكرى السنوية لتأسيس جوجل: كيف انطلق مشروع لطالبين جامعيين إلى بناء إمبراطورية رقمية غيرت ملامح العالم!

في منتصف التسعينيات، كان لاري بيج وسيرجي برين، طالبان في جامعة ستانفورد، في رحلة بحث عن أسلوب جديد لترتيب مواقع الإنترنت، حيث بدأ مشروعهما تحت اسم “BackRub”، الذي استند إلى مفهوم تحليل الروابط بين الصفحات لتقييم الأهمية، وهذا كان بمثابة اللبنات الأساسية التي أدت إلى ثورة في عالم محركات البحث. وبحلول سبتمبر 1997، سجلا النطاق google، المشتق من كلمة “googol” التي تشير إلى رقم ضخم، كمؤشر على حجم المعلومات التي رغبا في تنظيمها.

باعتمادهم في عام 1998 على استثمار أول بقيمة 100 ألف دولار من آندي بيكتولشيم، أحد مؤسسي “Sun Microsystems”، تمت رسميًا تأسيس الشركة في الرابع من سبتمبر من نفس العام، في جراج متواضع بمدينة مينلو بارك بولاية كاليفورنيا. ورغم أن هذا هو التاريخ القانوني للتأسيس، اختارت الشركة لاحقًا الاحتفال بعيد ميلادها في 27 سبتمبر، وهو اليوم الذي ارتبط بأول “دودل” لذكرى تأسيسها.

منذ الأيام الأولى، استطاع محرك البحث إثبات تفوقه بفضل خوارزمية PageRank التي تميزه عن باقي المنافسين. وبنهاية عام 1998، كان جوجل قد فهرس حوالي 60 مليون صفحة، مما حوله إلى وجهة مفضلة لملايين المستخدمين. وقد أدى هذا النجاح إلى نقل المقر إلى وادي السيليكون وزيادة عدد العاملين وتطوير البنية التحتية.

ومع بداية الألفية الجديدة، أطلقت الشركة مجموعة من الخدمات التي غيرت معالم الإنترنت، مثل Gmail في عام 2004، وGoogle Maps في عام 2005، والاستحواذ على يوتيوب في عام 2006. وفي عام 2008، دخلت في سوق المتصفحات بإطلاق “كروم”، الذي أصبح الأكثر استخدامًا حول العالم، بالإضافة إلى أن منصة AdWords كانت لها دورًا محوريًا في تحويل الشركة إلى عملاق في مجال الإعلانات.

في عام 2015، أعادت الشركة هيكلتها لتصبح تحت مظلة “Alphabet”، مما أتاح لها الفرصة للاستثمار في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والسيارات ذاتية القيادة، والتقنيات الصحية. ذلك التطور منحها مرونة أكبر، وحول جوجل من مجرد محرك بحث إلى مجموعة تكنولوجية متعددة المجالات.

الهدف من هذه التحولات كان فصل الأعمال الرئيسية لجوجل، مثل البحث والإعلانات ويوتيوب وأندرويد، عن المشاريع الأكثر طموحًا التي تتطلب استثمارات ضخمة ومخاطر عالية، والتي تم تصنيفها كـ”رهانات أخرى”، مما ضمن استمرار تركيز جوجل على تحسين خدماتها الأساسية بينما يتم تمويل الابتكارات المستقبلية بكفاءة أعلى.

اليوم، تعتبر جوجل الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها المستقبلية، حيث تستثمر بشكل كبير في تطوير نماذج لغوية متقدمة مثل جيميني، وتهدف إلى دمج قدرات الذكاء الاصطناعي في جميع منتجاتها، بداية من تحسين دقة نتائج البحث وصولًا إلى تطوير أدوات متقدمة في الحوسبة السحابية. ورغم أن الشركة تعكس رمز الابتكار والوصول السريع للمعلومات، إلا أنها تواجه تحديات دائمة تتعلق بخصوصية المستخدمين والسيطرة السوقية، مما يجعلها تحت رقابة متزايدة من الجهات الحكومية عبر العالم. ومع ذلك، تبقى جوجل، التي انطلقت من فكرة بسيطة في جراج، القوة التكنولوجية الأكثر تأثيرًا في العالم، وتستمر في رسم ملامح المستقبل الرقمي.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *