جيل "زد" وسوق العمل الجديد! - مصدرنا الإخبارى

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جيل "زد" وسوق العمل الجديد! - مصدرنا الإخبارى, اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025 03:15 مساءً

مصدرنا الإخبارى - تغيّر مشهد التوظيف خلال عقد واحد أكثر مما تغيّر في نصف قرن. لم تعد السيرة الذاتية الورقية معيارًا كافيًا، ولا المقابلات التقليدية بوابة وحيدة لسوق العمل. وصارت المنصات الرقمية مساحة لإبراز المهارات، كما صار الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية في قرارات التوظيف. وسط هذا كله، يقف جيل "زد" (Z) في نقطة تقاطع بين تقنيات تتسارع وقيم شخصية لا يريد التفريط بها.

في مقابلة مع  "النهار"، قدّمت الدكتورة تهاني الخطيب، عضو هيئة التدريس في كلية تكنولوجيا المعلومات بقسم أنظمة المعلومات الحاسوبية في الجامعة الأردنية – عمّان، رؤية شاملة إلى هذه التحولات، مركّزةً على أبعادها التقنية والإنسانية والثقافية.

كيف تغيّر دور الذكاء الاصطناعي في تقييم الكفاءات المهنية؟
تجيب الخطيب: "لا شك في أن المحتوى المرئي المقدم اليوم على المنصات المختلفة مثل TikTok، Instagram، linkedIn، فتح آفاقًا جديدة لعرض المهارات بطريقة جديدة وإبداعية، حيث صار بإمكان الشخص عرض مؤهلاته وخبراته المهنية على شريحة عريضة من أصحاب العمل والمنافسين", بحسبها، أكثر من استفاد من وجود هذه المنصات هم الشباب من الجيل "زد"، والذين أعادوا تعريف مفاهيم مثل بناء المسار المهني، والسمعة الرقمية، والهوية البصرية.

ففي عالم اليوم الحافل بالتنافسية، إن أردت التقديم لوظيفة ما، ستجد عدداً كبيراً من المتقدمين للوظيفة نفسها، بسبب ارتفاع عدد من يتمتعون بالكفاءات المهنية. وستشعر بأن عرض خبراتك بالشكل التقليدي القديم، أي على شكل سيرة ذاتية ورقية، لم يعد كافيًا، أو لا يمنحك فرصة منصفة لعرض خبراتك. وتضيف: "ستجد أن كثيرين من المنافسين يمنحون بناء هويتهم وسمعتهم الرقمية الأولوية، بصناعة المحتوى المرئي على المنصات المختلفة التي يستخدمونها وسيلةً لعرض مهاراتهم وخبراتهم بالصوت والصورة والفيديو، وبأسلوب جاذب يترك انطباعًا مباشرًا في المتلقي، وذلك للفت انتباه أصحاب العمل".

تتابع الخطيب: "زاد اعتماد أصحاب العمل، خاصة في الشركات الكبرى، على الذكاء الاصطناعي في أتمتة التوظيف كونه أداة سريعة وفعالة لتقييم المرشحين، حيث يتم استخدامه في فرز طلبات المرشحين للوظيفة وتحليلها، بناءً على كلمات مفتاحية معينة، أو بيانات تضمن الخبرات المهنية أو نتائج الاختبارات الآلية. ومع ظهور المحتوى المرئي، دخل مصدر جديد للبيانات يتمثل بالفيديوهات القصيرة والعروض البصرية الجاذبة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي".

 

وبحسبها، هذا التحول يغيّر معادلة التنافسية في السوق، فالإبهار البصري لا يعني دائماً جودة المضمون، واختيارات الذكاء الاصطناعي للموظف صاحب الكفاءة قد يصاحبها تحيز وعدم موثوقية، "والأفضل دائمًا هو التوازن بين استخدام المحتوى المرئي لجذب الانتباه والاستفادة من الأتمتة، وبين المراجعة البشرية الدقيقة لضمان المصداقية وتحقيق العدالة".

 

 

 

هل تفهم أدوات التوظيف السياق الثقافي؟
وفقاً لما تقوله الخطيب، لا يمكن إنكار مساهمة أدوات الذكاء الاصطناعي في تقليل الوقت والجهد في عملية التوظيف، "لكنها تفشل غالبًا في فهم السياق الثقافي، خصوصاً في العالم العربي. ففي السابق، كان مدير الموارد البشرية يعتمد على خبرته وفهمه للبعد الاجتماعي والثقافي، بينما تعتمد الأدوات الحالية على نماذج مدربة وفق معايير غربية. وهذا الانفصال يجعل بعض النماذج تهمل القيم الأخلاقية والاجتماعية والخصوصيات الثقافية للمجتمعات العربية، وربما تعيد إنتاج تحيزات قديمة موجودة في بيانات التدريب".

تقترح الخطيب حلولاً: "نحتاج إلى تدريب النماذج على بيانات محلية، ومراجعة أدائها باستمرار، وضمان وجود خبراء عرب يفهمون السياق الثقافي عند تصميم هذه الأدوات. بهذه الطريقة، يمكننا تحقيق معادلة توازن بين سرعة الآلة وإنسانية القرار".

وتضيف: "أصبحت المنصات الرقمية جزءًا من أسلوب الحياة، وفرضت إيقاعًا جديدًا في التوظيف. لكن الخطر يكمن في سرعة الحكم على الشخص من خلال مقطع قصير لا يتجاوز 30 ثانية. فهل ما نراه يعكس الكفاءة الحقيقية؟ فأنظمة الذكاء الاصطناعي تفشل إلى الآن في فهم الفروقات الدقيقة والسياق الثقافي للمحتوى المرئي العربي، ما يجعل الاعتماد عليها وحدها خطرًا، ولا بد من دمج العنصر البشري لفهم اللغة واللهجات والإشارات الثقافية قبل اتخاذ قرارات التوظيف".

من الراتب إلى القيم: أولوية جديدة
وتختم الخطيب بالقول: "إننا بحاجة إلى خوارزميات توظيف تفهم البعد القيمي للوظيفة. تدريب النماذج على بيانات تُظهر القيم المجتمعية مثل التعاون، التكافل، والشفافية أمر أساسي، لكن لا يمكن الاستغناء عن دور الإنسان في مراقبة أداء هذه الخوارزميات لضمان العدالة واحترام الخصوصيات الثقافية والاجتماعية والدينية".

التوظيف في 2025 لم يعد مجرد تقييم للسير الذاتية أو المقابلات التقليدية، بل أصبح مساحة يتقاطع فيها المحتوى المرئي مع الذكاء الاصطناعي والقيم الثقافية. وكما تؤكد الخطيب، فإن مستقبل العمل يتطلب نماذج تقنية متقدمة، لكن بعيون بشرية قادرة على فهم ما وراء الأرقام، لتبقى العدالة والإنسانية في قلب القرار المهني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق