نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أنس البريحي في "بودكاست مع نايلة": منال، النوم، والألوان... نافذة على الحياة والإنسانية (فيديو) - مصدرنا الإخبارى, اليوم الخميس 21 أغسطس 2025 08:16 مساءً
مصدرنا الإخبارى - حلّ الفنان التشكيلي السوري أنس البريحي ضيفاً على نايلة تويني في "بودكاست مع نايلة"، حاملاً حكايات مليئة بالعمق الإنساني والبعد الجمالي، في حوار أشبه برحلة في ذاكرة فنان يرى العالم بعين مختلفة، ويجعل من لوحاته مرآة للمشاعر الإنسانية الحقيقية. في صوته نبرة صدق وهدوء، وفي كلماته مزيج من الحنين والشغف، ليأخذ المستمع في مسار طويل من الطفولة والأحلام، مروراً بالمآسي الشخصية، وصولاً إلى التجارب العالمية التي صقلت هويته الفنية.
الحوار نافذة على فلسفة حياة متكاملة يعيشها أنس، حيث الفن وسيلة للبقاء والتوازن وسط عالم يضجّ بالتحديات. من هنا، يدعو اللقاء للتأمّل في قيمة الفن ودوره في مداواة النفوس، وإعادة تعريف الجمال بعيون مختلفة.
يبدأ أنس بتعريف نفسه ببساطة: إنسان شغوف بأحلامه وطفولته وذكرياته ومسقط رأسه السويداء. لم يتذكّر يوماً متى بدأ الرسم، لأنه كان بالنسبة إليه طبيعياً كما التنفس. منذ الصغر، كان يملأ فراغاته بالرسم، وفي المدرسة عُرف بالولد الذي يرسم دائماً. كان يهوى النظر إلى كل ما هو جميل في الحياة، ويبحث عن التوازن بينه وبين الطبيعة. الرسم حائط الحماية من الجشع والمآسي، ووسيلته للبقاء مخلصاً للتفاصيل الجمالية التي تضيء العالم.
المحطة الفارقة الأولى في حياته كانت وفاة والدته، التي وصف فقدانها بأنه أقسى ما يواجهه الإنسان. رغم حزنه، ظل تلميذاً مجتهداً محباً للتفوق. وفي سن الخامسة عشرة، بدأ بتعلم المسرح الذي ساعده على صقل شخصيته ومنحه جرأة الوقوف أمام الآخرين.
يستعيد أنس ذكرياته الأولى مع الفن قائلاً إن والدته أحضرت له كتاب جبران خليل جبران، فرأى الرسومات إلى جانب النصوص، ووقع في سحر هذا العالم. أول لوحة حملت اسم "منال"، وهي فتاة مصابة بمتلازمة داون رآها من نافذة مرسمه. شكّلت منال نقطة تحول كبيرة في مسيرته، إذ من خلالها تعلم كيف يرى الحقيقة بعين مختلفة، فكانت المعيار الأول للجمال الصادق.
التحق أنس لاحقاً بالجامعة اللبنانية لدراسة الدعم النفسي الاجتماعي والعلاج بالفن، وأقام معرضه الأول بلوحات منال في بيروت، حيث تغيّرت نظرة الناس إليها عبر فنّه. هذه التجربة أثبتت له أن الفن قادر على تغيير التصورات المجتمعية وبثّ رسائل إنسانية عميقة.
الفنان التشكيلي أنس البريحي.
بعد منال، عاش أنس صراعاً داخلياً، إذ شعر بأنّه يخونها إذا رسم غيرها. لكنه مع الوقت، بدأ يرسم زملاءه في السكن في بيروت وهم نائمون متعبون. النوم بالنسبة إليه كان رمزاً للتسليم والهشاشة، ومن هنا ولد مشروع "النوم" الذي كان محطة فارقة في مسيرته، حين اعترف النقاد والجمهور به كفنّان مؤثر.
وثّق في مشروع "Dream Catcher" أحلام النساء اللاجئات في البقاع. ثم أطلق معرض "Mother Earth"، الذي أبرز دور المرأة كقوة كونية. وفي باريس، رسم المهاجرين والنازحين على المعابر، ليعكس أثر السياسة والمجتمع على الإنسان.
في مشروعه الأخير "The Turn"، جسّد الاستدارة كرمز للتحول. وفي أفريقيا، عاش بين قبائل بدائية منسجمة مع الطبيعة، حيث اختبر ألواناً جديدة ورأى مفاهيم مختلفة للسعادة. هناك، فهم أن الحياة إذا ارتبطت بالطبيعة فهي جميلة، أما إذا ارتبطت بالأنظمة والسياسة فهي مرّة.
تُقلقه خطورة الذكاء الاصطناعي، لكنّ الفن عنده عصيّ على الاستنساخ لأنه يحمل عاطفة إنسانية صعبة التقليد. لوحاته تعكس توازناً بين العقل والشعور، وتحمل بصمته الفريدة.
ينتهي اللقاء ويبدو أنس البريحي فناناً راضياً عن مسيرته، يحمل طموحاً عالياً ورؤية إنسانية عميقة. قصته شهادة على قدرة الفن على شفاء الأرواح، وإعادة تعريف الجمال والإنسانية وسط التحديات.