بيان الإصلاحيين يشعل جدلاً في إيران: من "العفو العام" إلى التطبيع مع أميركا - مصدرنا الإخبارى

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بيان الإصلاحيين يشعل جدلاً في إيران: من "العفو العام" إلى التطبيع مع أميركا - مصدرنا الإخبارى, اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025 06:43 صباحاً

مصدرنا الإخبارى - أثار البيان الأخير لجبهة الإصلاحات في إيران، المعنون بـ"المصالحة الوطنية؛ فرصة ذهبية للتغيير والعودة إلى الشعب"، والذي دعا إلى تغيير سياسات الجمهورية الإسلامية بعد الحرب مع إسرائيل، ردود فعل واسعة داخل البلاد، وأدى إلى تصاعد الجدالات السياسية.

محتوى البيان ومقترحاته الرئيسية

تشكل جبهة الإصلاحات الإيرانية التي تُعتبر مجلس التنسيق الأعلى للأحزاب الإصلاحية في إيران والمقرّبة من السيد محمد خاتمي (رئيس الجمهورية الإيرانية الأسبق بين عامي 1997 و2005)، الإطار الجامع لهذا التيار. وقد طرحت في بيانها 11 اقتراحاً، أثارت ثلاثة منها تحديداً احتجاجاً شديداً من قبل خصوم الإصلاحيين.

 

في مطلبها الأول، دعت الجبهة إلى إعلان عفو عام وشامل، ورفع الحصار عن المهندس مير حسين موسوي وزوجته الدكتورة زهراء رهنورد (قادة الحركة الخضراء في احتجاجات عام 2009)، وإزالة القيود السياسية المفروضة على السيد محمد خاتمي، إضافة إلى إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين والعقائديين والناشطين المدنيين، وإنهاء قمع المنتقدين البنّاءين، بغية إعادة بناء الثقة الوطنية ورأب الصدع بين الشعب والنظام.

 

كذلك، طالبت الجبهة في بند آخر بعودة القوات العسكرية إلى ثكناتها وخروجها من مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة، وهو مطلب سبق أن أشار إليه مؤخراً حسن روحاني (رئيس الجمهورية الأسبق بين عامي 2013 و2021) في رسالته المصوّرة عن الحرب الإسرائيلية ضد إيران.

 

أما البند الأكثر إثارة للجدل، فقد تضمّن دعوة الجمهورية الإسلامية إلى إعلان استعدادها لتعليق تخصيب اليورانيوم طوعاً وقبول الرقابة الدولية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقابل رفع العقوبات بالكامل، تمهيداً لبدء مفاوضات شاملة ومباشرة مع الولايات المتحدة وتطبيع العلاقات مع واشنطن.

ردود الفعل الشديدة من الخصوم

ووصف حسين شريعتمداري، مدير صحيفة "كيهان" (الصحيفة المحافظة البارزة في إيران)، البيان بأنه "النسخة الفارسية لكلمات (بنيامين) نتنياهو"، معتبراً أن الإصلاحيين الداعمين له يمثلون "العمود الخامس للعدو" داخل البلاد.

 

أما صادق محصولي، الأمين العام لـ"حزب الاستدامة" (أحد أكثر التيارات السياسية راديكالية في إيران)، فقد هاجم مؤيدي البيان واصفاً إياهم بـ"الموهومين العلمانيين والخونة"، مؤكداً أنهم أسعدوا أعداء الجمهورية الإسلامية بمواقفهم، وطالب النظام بالتعامل معهم بصرامة.
كذلك، قارن بعض المنتقدين البيان برسالة نواب البرلمان الإيراني في عام 2003 إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، التي عُرفت آنذاك بـ"كأس السم". ففي ذلك الوقت، لم يتم تأييد أهلية النواب الموقعين على الرسالة للترشح مجدداً في البرلمان.

 

وفي السياق نفسه، لمّح عضو هيئة رئاسة البرلمان علي رضا سليمي، في تصريح له، إلى أن الإصلاحيين يشكّلون "جيش نتنياهو في إيران"، متسائلاً: "هل أسرّ البيان العدو أم أحزنه؟ هل عزز جبهة المقاومة أم أعطى فرصة لوسائل الإعلام الأجنبية؟ هل يعزز التماسك الوطني أم يضعفه؟ وهل كُتب فعلاً لخدمة المصالح الوطنية؟".

 

وقد وسّع الأصوليون دائرة انتقاداتهم لتشمل رموزاً بارزة مثل خاتمي وروحاني ومحمد جواد ظريف (وزير الخارجية الأسبق).

 

تدريبات عسكرية في جنوب إيران. (أ ف ب)

 

انتقادات داخلية من الإصلاحيين أنفسهم
ولم تقتصر ردود الفعل تجاه هذه المواقف الصريحة لجبهة الإصلاحات التي قيل إن 38 ناشطاً سياسياً وحزبياً أيدوها ووقعوا عليها، على ردود فعل غاضبة من قبل المنافسين السياسيين فحسب، بل أشعلت أيضاً خلافات داخل صفوف الإصلاحيين أنفسهم، وخاصة من بعض الوجوه المقرّبة من الحكومة.
فقد اعتبر المتحدث باسم "حزب نداء الإيرانيين" أن مثل هذه البيانات "لا تعالج أياً من مشكلات البلاد، بل تزيد التوترات التي لا تعود بالنفع على الشعب ولا على الدولة".
فيما أبدى الناشط السياسي الإصلاحي محمد رضا جلائي بور استياءه من غياب التشديد في البيان على ضرورة تعزيز القدرات العسكرية والدفاعية الإيرانية.
كذلك، رأى بعض الإصلاحيين أن صدور البيان ساهم في تكثيف الهجمات ضد حكومة مسعود بزشكيان (الرئيس الإيراني الحالي الذي تولى منصبه عام 2024)، وهو ما قد يعرقل تنفيذ سياساتها.

دعم شعبي ودفاع عن البيان
في المقابل، دافع العديد من المواطنين والناشطين السياسيين عبر الفضاء الافتراضي عن البيان، معتبرين أنه يعكس مباشرةً مطالب الشعب الإيراني في السنوات الأخيرة، ومؤكدين أن وجود بعض البنود المثيرة للجدل لا يبرر رفض البيان بأكمله.
ورأى مؤيدون أن خروج الإصلاحيين من دائرة الحذر واعتمادهم لغة أكثر صراحة في طرح مطالب الشعب يمثل استراتيجية جديدة وبنّاءة.

السياق العام والتوقعات المستقبلية
على أي حال، يبدو أن هذا البيان جاء بعد فترة من الهدوء النسبي في الساحة الحزبية والسياسية الإيرانية، خاصة عقب الحرب الإسرائيلية الأخيرة، ليشكّل ذريعة لإعادة رسم الاصطفافات السياسية في البلاد. لكن ينبغي التذكير بأن غياب هذا البيان لم يكن ليمنع اندلاع الخلافات، إذ إن الجمهورية الإسلامية، بعد الحرب مع إسرائيل، تواجه استحقاقات كبرى وقرارات مصيرية، ومن الطبيعي أن تتباين بشأنها المواقف بين مؤيدين ومعارضين يسعون إلى لعب دور في صياغة مستقبل البلاد.