من الميم إلى الملايين: كيف تقلب السوشيال ميديا أسواق المال؟ - مصدرنا الإخبارى

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من الميم إلى الملايين: كيف تقلب السوشيال ميديا أسواق المال؟ - مصدرنا الإخبارى, اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025 09:06 صباحاً

مصدرنا الإخبارى - آنا ماريا الشدياق

 

 

في عالم المال الذي يقوم على الأرقام والتحليلات الصارمة، برز عامل غير متوقع قلب الموازين: إنها "الميمات". و"الميم" فكرة أو صورة أو مقطع ساخر ينتشر بسرعة على الإنترنت، بطريقة تشبه العدوى الرقمية، وهو قادر على تحريك الرأي العام وصناعة موجات تفاعل ضخمة. من هنا وُلدت ظاهرة "أسهم الميم"، حيث لا تتغير أسعار الأسهم استناداً إلى أرباح الشركات أو أدائها، بل بفعل زخم تولّده منصات "السوشيال ميديا".

برزت هذه الظاهرة بوضوح مع سهم "غيم ستوب" في عام 2021، حين قفز من أقل من 20 دولاراً إلى مئات الدولارات في أيام، مدفوعاً بحملة حماسية على منصة Reddit، متحدّية كبار المستثمرين وصناديق التحوط، لتؤكد أن "السوشيال ميديا" باتت لاعباً أساسياً في أسواق المال.

لكن، ما الذي يدفع الأفراد إلى الانجراف وراء أسهم كهذه؟ تقول فرح مراد، محللة أولى للأسواق المالية لدى مجموعة إكويتي، لـ"النهار" إن الأمر يرتبط بمزيج من العوامل النفسية والاجتماعية،  "فلم  يعد المستثمر الفرد يبحث عن تحقيق الأرباح فحسب، بل يسعى أيضاً إلى الانتماء إلى جماعة افتراضية، والتفاعل مع موجة جماعية تمنحه شعوراً بالقوة في مواجهة المؤسسات المالية الكبرى. ويتحول الحماس أحياناً إلى اندفاع جماعي أقرب إلى الإدمان، يقود المستثمرين إلى قرارات متسرعة؛ فالموجات الصاعدة تزرع شعوراً بالثراء يعزز الثقة والإنفاق، في حين أن الانهيارات المفاجئة تولّد إحباطاً وحذراً مفرطاً قد ينعكس مباشرة على سلوك المستهلكين وعلى الاقتصاد الحقيقي".

وتشير مراد إلى أن هذه الظاهرة تكشف عن وجه جديد للاقتصاد السلوكي الرقمي، "حيث تتحكم العاطفة و’الترندات‘ أكثر مما تتحكم الأرقام والبيانات المالية، وهذا ما يجعل الظاهرة أكثر تعقيداً؛ فهي ليست سلبية بالكامل، إذ استفادت شركات مثل ’غيم ستوب‘  و’إيه إم سي‘ من موجات الارتفاع لجمع مليارات الدولارات، محوّلة الزخم الرقمي إلى تمويل فعلي غيّر مسار استثماراتها. لكن، في المقابل، تسببت نفس الموجات بخسائر فادحة تكبدها صغار المستثمرين الذين دخلوا السوق متأخرين".

تتابع مراد: "هذا الوضع دفع بالجهات الرقابية، مثل هيئة الأوراق المالية الأميركية (SEC)، إلى البحث عن حلول متوازنة، فالمشكلة ليست في النقاشات الرقمية بحد ذاتها بل في استغلالها للتضليل. وأن الطريق الأمثل هو تعزيز الشفافية، وكشف المحتوى المموّل، وتشديد الإشراف على الوسطاء والمؤثرين الذين يستغلون موجات الرالي لجذب المستثمرين". 

وبحسبها، ما يميّز الظاهرة هو انخراط جيل أصغر سناً في السوق، يتعامل مع الأسهم بعاطفة، ويبحث عن ’الترندات‘ أكثر مما يعتمد على التحليل المالي. وبالنسبة إليهم، تبدو أسهم الميم الوجه الجديد للاقتصاد السلوكي الرقمي، حيث يميلون إلى رهانات سريعة عبر عقود الخيارات أو الشورت سكويز، ويتعاملون مع السوق كمنصة اجتماعية وأحياناً كمساحة لمقاومة الهيمنة المؤسسية".

ما يحدث اليوم في الأسواق يكشف أن أسهم الميم صارت علامة فارقة، تؤشر إلى دخول مرحلة جديدة تتقاطع فيها التكنولوجيا مع العاطفة ورأس المال. فهي تمنح الأفراد مساحة للتأثير في وول ستريت، لكنها في الوقت ذاته تكشف هشاشة السوق أمام الترندات اللحظية. كما تلخص مراد: "لسنا أمام مجرد فقاعة، بل أمام إعادة تعريف للعلاقة بين المال والإنترنت، حيث تتحول الميمات من صور ساخرة إلى قوة مالية قادرة على تحريك مليارات الدولارات".