مذيع لبناني يهاجم الدروز والشيخ حكمت الهجري؟ النهار تتحقق FactCheck - مصدرنا الإخبارى

مصدرنا الإخبارى - المتداول: فيديو يظهر، وفقاً للمزاعم، "مذيعاً لبنانياً وهو يهاجم الدروز والشيخ حكمت الهجري"، أحد مشايخ العقل الثلاثة البارزين في سوريا، وذلك على خلفية الاحداث الدموية التي شهدتها محافظة السويداء بجنوب سوريا أخيراً. 

الا أنّ هذا الادعاء غير صحيح.

الحقيقة: هذا المقطع الذي يظهر فيه الاعلامي اللبناني طوني خليفة، مجتزأ في شكل مضلّل من فيديو أطول يعود لحلقة قديمة من برنامج "استوديو العرب"، ونشرته قناة "المشهد" في حسابها في يوتيوب، في 10 كانون الاول 2024، اي قبل أشهر من اعمال العنف الدموية في السويداء. ويوجّه فيه خليفة كلامه الى "بعض اللبنانيين، من سياسيين وغير سياسيين، كانوا مستفيدين على طريق الشام"، على خلفية سقوط نظام بشار الاسد في سوريا يومذاك. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم 

2.36 دقيقتان مدة الفيديو. ويطل فيه الاعلامي اللبناني طوني خليفة قائلا (بالعامية): "لهودي بدي اسألن. هل كان بيستاهل كل للي أخدتوه من مال، من مناصب، من سلطة، من استزلام، من استقواء، من كل شيء أخدتوه أنكن تبيعوا وطنكن وشعبكن؟ تبيعوا أنتم الوطن والبشر والحجر، وبالمقابل كنتو تتهموا كل مين بيعارضكن بأنو هوي عميل...". وقد انتشر المقطع أخيرا في حسابات كتبت معه (من دون تدخل): "مذيع لبناني يمسح الارض بالدروز والشيخ حكمت الهجري".

لقطة من الفيديو المتناقل بالمزاعم الخاطئة (فايسبوك)

حقيقة الفيديو

الا ان هذه المزاعم لا اساس لها، وفقاً لما يتوصل اليه تقصي حقيقتها.

فالبحث عن المقطع، بتجزئته الى صور ثابتة (Invid)، يضع https://www.instagram.com/p/DDzj30vIKrW/اً توصلنا اليه (3.49 دقائق) في حساب قناة "المشهد" في يوتيوب، في 10 كانون الاول 2024، بعنوان: طوني خليفة: ما شميتوا رائحة الجثث وانتوا زاحفين؟ - استوديو العرب.

ويمكن مشاهدة المقطع ابتداء من التوقيت 1.15 في الفيديو أدناه. 

لقطة من الفيديو المنشور في حساب قناة المشهد في يوتيوب، في 10 كانون الاول 2024

و"استوديو العرب" برنامج يومي على قناة "المشهد" يغوص في القصص الاجتماعية والسياسية والأحداث الآنية في العالم العربي. وهو من تقديم طوني خليفة، المدير العام للقناة، ومعتز عبد الفتاح، ومحمد أبو عبيد، وآسيا هشام. 

وفي تلك الفقرة من البرنامج يومذاك، كان خليفة يتكلم على خلفية التطورات التي شهدتها سوريا يومذاك، موجهاً حديثه الى "بعض اللبنانيين، من سياسيين وغير سياسيين". وقال (من دون تدخل): "أنا ما بدي احكي بالسياسة، ولا بالتحليل، ولا حتى بدي ادخل بإذا اللي عم بصير بسوريا اليوم هو لخير سوريا او لتدمير سوريا. خللي الايام اللي جايه والشعب السوري هو يقرر اذا اللي صار هو لمصلحة سوريا او لخراب سوريا". 

وأضاف: "أما اللي بدي احكي فيه أنا اليوم هوي بعد ما شفنا العدد الهائل من الفيديوهات الفاجعة اللي بتصوّر مدى الاجرام يللي بفوق اي تصور تعرض له عشرات الآلاف من المعتقلين السوريين وغير السوريين، ومنن لبنانيين وعددن بالآلاف. هون بدّي اتوقف لاتوجه لبعض اللبنانيين، من سياسيين وغير سياسيين،  مستفيدين كانوا على طريق الشام، طالعين نازلين. لهودي اللي بكل مناسبة كانوا يخونوا كل لبناني بعارض سوريا، بيعارضوا كل لبناني ما انبطح قدّام نظام سوريا، مثل ما هني انبطحوا من عنجر للشام. لهودي بدي اسألن. هل كان بيستاهل كل اللي اخدتوه من مال، من مناصب، من سلطة، من استزلام، من استقواء، من كل شي اخدتوه انكن تبيعوا وطنكن وشعبكن؟ 

وتابع: "تبيعوا انتو الوطن والبشر والحجر، وبالمقابل كنتو تتهموا كل مين بعارضكن بانو هوي عميل. طيب، بدي اسألكن لإلكن. لما كنتو عم تزحفوا على وجوهكم امام اسيادكم بالنظام السوري، ما كنتو عم تشموا روايح جثث ابناء بلدكن اللي بعتوهن، طالعة من مكابس، مكابس، انتبهوا على الكلمة، مكابس الجثث حواليكن محل ما كنتم تروحوا؟ انتو زاحفين على روسكن، ما كنتو تسمعوا من تحت الارض انين وتوسل واستغاثة من لحمكن ودمكن اللي كانوا عم يتعذبوا بأبشع طرق التعذيب، بأقبية التعذيب؟ وإنتو مطأطين روسكن طاعة لمعلمينكن، ما كنتو عم بتحسوا بشخير النزاع لأهلكن هني وعم يلفظوا أنفاسن الأخيرة تحت التعذيب مثل فئران التجارب؟

وأردف: "ولا يوم حاولتو تتذكرو اسم من هالشباب اللي هني أصلا نسيوا أسمائن وفقدوا ذاكرتهن،  وما بعرف صاروا وين صايرين. عم بنشوف الفيديوهات ولا أي تجاوب مع اللي عم يحكوهن،  وكلو هيدا نتيجة المعاناة. نظام الأسد صحيح أنه هو اللي عمل، بس انتو كنتو شهود الزور على كل هالإجرام. إذا مش أنت عملت، إذا ما عملت بإيدك، لكن تخبايتك للحقيقة ونكران وجود هؤلاء بمسالخ السجون ودفاعكن المستميت دايمن عن هالمجازر والجزارين، بيحطكن بنفس الخانة مع المجرمين، بفرق بسيط أنو هني يمكن كان عندن أسبابن الطغيانية للي عملوا. أما إنتو جريمتكن وسكوتكن ونكرانكن ودفاعكن المستمر، ويمكن حتى اليوم، هو جريمة أكبر بكتير. ويا ريت، يا ريت لو منعرف شو كان هدفها. كان هدفها بس أنه يقبلوكن زلم من ازلامن، ليكوا قديشكن رخاص. جريمتكن رح يذكرها التاريخ. والله لا يسامحكن". 

سقوط الاسد وفتح السجون

وجاء نشر فيديو خليفة بعد نحو يومين على فرار بشار الأسد من سوريا، بعدما أطلقت فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً سيطرت من خلاله على مدينة تلو الأخرى إلى أن وصلت إلى دمشق في الثامن من كانون الأول 2024، ليُسدل الستار على حكم عائلته الذي تواصل لأكثر من خمسة عقود، على ما أوردت وكالة "فرانس برس". 

وبعد سقوط الأسد، دخل مقاتلون من الفصائل المعارضة السجون في مناطق عدة، بينها سجن صيدنايا سيئ السمعة، لتحرير المساجين، وكان بعضهم محتجزاً منذ الثمانينات. وانتشرت صور المعتقلين السابقين وهم يسيرون أحراراً، ولكن منهكين وهزلى، وبعضهم يحتاج إلى المساعدة حتى على الوقوف، في كل أنحاء العالم، كرمز لسقوط الأسد. 

وعثرت فرق البحث في مستشفى حرستا العسكري على 40 جثة لمنشقين ومعارضين لحكم الأسد، وكانت مكدسة بطريقة غير آدمية. جثث قتلت حديثا، بعضها مقلوع العيون أو الأسنان وآثار التعذيب واضحة عليها، وقيل إنها نقلت من صيدنايا قبل 10 أيام تقريبا، وفقا لتقارير اعلامية. 

كذلك، عثرت في مستشفى المجتهد وسط دمشق على جثث مكدسة موضوعة في أكياس بلاستيكية بيضاء أو ملفوفة بقماش، على بعضها بقع دماء، وتحمل أرقاما وبعضها أسماء، تم تدوينها على القماش أو على شريط لاصق على الأجساد.

وأثارت مشاهد السجون وأقبية التعذيب التي أنشأها الأسد ردود فعل ساخطة. 

سجن صيدنايا... "مسلخ بشري" ووصمة في تاريخ عائلة الأسد

فظائع صيدنايا... عائلة سمير الطّباع تروي لـ"النهار": الجرذان التهمت أجزاء من جسده

ولا تنتهي أهوال سجن صيدنايا... ماذا يقول السجين رقم أربعة؟

وكانت محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية شهدت أعمال عنف دامية في تموز 2025 أسفرت عن مقتل أكثر من 1600 شخص، القسم الأكبر منهم دروز، وفقا لآخر حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ولا تزال الأوضاع الأمنية متوترة في المحافظة رغم توقّف أعمال العنف التي بدأت باشتباكات بين مسلحين محليين وآخرين من البدو، ثم تطورت إلى مواجهات دامية بعدما تدخلت فيها القوات الحكومية.

وندد أكثر من اثني عشر خبيرا مستقلا من الأمم المتحدة بالعنف الذي مورس بحق الدروز في سوريا عقب اشتباكات تموز، ودعوا السلطات إلى معاقبة المسؤولين عنه.

وأعربوا عن "قلقهم العميق" إزاء الهجمات ضد الأقلية الدرزية "بسبب معتقداتها ودوافع أخرى". واستنكروا "خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي الذي يصور الدروز خونة وكفارا يستحقون القتل، بالإضافة إلى دعوات لخطف واستعباد الدرزيات".

تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان الفيديو المتناقل يظهر "مذيعاً لبنانياً مهاجماً الدروز والشيخ حكمت الهجري". في الحقيقة، هذا المقطع الذي يظهر فيه الاعلامي اللبناني طوني خليفة، مجتزأ في شكل مضلل من فيديو أطول يعود لحلقة قديمة من برنامج "استوديو العرب"، ونشرته قناة "المشهد" في حسابها في يوتيوب، في 10 كانون الاول 2024، اي قبل أشهر من اعمال العنف الدموية في السويداء. ويوجّه فيه خليفة كلامه الى "بعض اللبنانيين، من سياسيين وغير سياسيين، كانوا مستفيدين على طريق الشام"، على خلفية سقوط نظام بشار الاسد في سوريا يومذاك.