نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وقار السلطة هيبتها... - مصدرنا الإخبارى, اليوم الثلاثاء 26 أغسطس 2025 12:15 صباحاً
مصدرنا الإخبارى - جورج كلاس*
رأس اهتمامات الإعلام كسلطة هو توفير المعرفة!فالسلطة الرابعة، في توصيفات وظائفها ومهامها الميدانية، تتحدد مفاهيمها كسلوكاتٍ تجريبية ونماذج اختبارية بالناس، قبل أن تتركز قواعدها كسلطة ذات قدرة تأثيرية وسطوة إخبارية وقوة تأثيرية ترتقي بالمجتمع من رتبة المتلقي إلى مرتبة الفاهم والمتفهم، في بيئة يجب أن تسودها حرية التفكير والتعبير والإنصات والقدرة على الاتعاظ من الأحداث و تداعياتها.
من تحديات سلطة الرأي، بمفهومها الاستقلالي ومبادئها السيادية، أنها ذات شخصية معنوية و حضور فاعل، و تتعاون مع السطات الشريكة التي تنظم العمل في المجتمعات السياسية، لتشكل حالة من الوعي والمسؤولية التكاملية يرتاح إليها المجتمع في وضعيته الساعية إلى تحقيق تنمية الديموقراطية وتعزيز دورها في تحصين المجتمع، انطلاقاً من أن هيبة السلطة، أي سلطة، أن تمارس استقلاليتها ودورها بمسؤولية فلا تبايع ولا تهادن ولا تراهن، بل تحاور وتتشاور وتمارس دورها وفق ما هو محدد لها دستورياً. والسلطة الإعلامية ذات الهيبة، ليس لها أن تطلق أحكاماً وتنظِّر بالعدالة وترسم خرائط التعبير وتقيد الممارسات، بل إن دورها ينحصر بعمليات الرصد والمتابعة والتوازن وتقييم الأحداث وتحليلها وتقديم خدمة معرفية للناس تراعي معايير النزاهة وتلتزم مبادئ الأخلاق المهنية وشرعتها وتتصف بالجودة الإخبارية العالية. وهذا ما يساعد الإعلام كسلطة، على القيام بدور فاعل لبناء عالم أفضل وأكثر شراكة بين السلطات والمكونات المجتمعية، ملتزماً حدود الإبلاغية الخبرية وصولاً إلى التقيد بأهداف الرسولية السلامية وما تستوجبه من مهارات التنوير والهَدي والتقصي، مصحوبة بقدرات التحقق والتعريف والتثقيف وإشراك الجمهور بالمعرفة الواجب أن تصل إليه، وبتلك التي تعتبر في بعض وجوهها من المعارف الممتازة والمصاغة بأسلوب أريستقراطي مهيب، بعيداً من الادعائية والإعتدائية ونرجسية الاستئثار بالمعرفة و التعريف، الذي هو أبعد من الإخبار وأعمق الإبلاغ.
ما يعانيه بعض المجتمعات النامية في بناء شخصيتها وتركيز سلطاتها، هو عدم قدرتها على فصل التداخل بين السلطات الدستورية والمعنوية، بمفهومها الحضاري، وهذا ما يرخي على الإعلام مسؤولية احترام حدود السلطة اللصيقة به، وألا يتجاوز إلى حدود السلطات الأخرى، بداعي الرقيب على الرقيب، وألا يعمل لفرض سطوته الابتزازية ويشرع في رسم الخطوط الوهمية الحمراء، كمدخل لفرض سطوته و إقامة إمارته داخل الكيان العام للبلد.
إن رأس شروط المعرفة الفعالة في اعتماد نظام الجودة الإعلامية، هو الالتزام بمبدأ فصل السلطات عن اقتناع وبالممارسة، وعدم إدعائية أنه سلطة السلطات أو أنه "سلطة رأي عام"، يملكها "رأي خاص"، هو المؤسسة الإعلامية و مَنْ يحركها ويقف خلف مالكها والقابضين على زمام القيادة فيها.
وتتجلَّى شعبوية بعض الإعلام باحتمائه بالحرص على مصالح الشعب وإدعائه حماية حقوقه والعمل لمصلحته، حتى ولوْ اتبع رتب الإعلام التدرُّجي والتجريبي والإختباري، بعيداً منْ مَقامَاتِ الوقار والهيبة، الواجب حضورهما على قاعدة الحفاظ على الإتزان و التوازن، بعيداً من الغَرَضية التسليعية بدلالتها السلبية، على حساب الهدفية النفعية بوظيفتها الإيجابية.
إن موجب الكلام عن وقار السلطة الإعلامية و هيبتها، هو تهاون بعض الإعلام بالمسؤولية المعطاة له، وعدم التزامه معايير الشفافية والنزاهة، إضافة إلى جنوحه الى ممارسة بعض أشكال الوصاية على بعض المسؤولين، ولوْ من دون علمهم في أكثر الأحيان. وليس هذا الخطأ الخطيئة إلا تعدياً من سلطة على سلطات اخرى لها كيانيتها و حدود ممارستها للسلطة المنوطة بها. غير أن المعصية المهنية التي تشيع في أشكال فنون التواصل، هي في طرح سؤالٍ مفصلي حول مركزية المرجعية الإعلامية، التي يجب أن تحمي المستعلم، و تحرص على جودة سلطة الإعلام ونفعياته المعرفية؟ ومن أعطى صفة ذاك الإعلام الصلاحية في التعرض للكرامات واتخاذ دور الادعاء العام وإطلاق الأحكام؟ ومن خوله القيام بدور الشرطي والوالي؟
*وزبر سابق