نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وشم نساء وادي السِّند… حكاية حضارة هندوسية - مصدرنا الإخبارى, اليوم الخميس 21 أغسطس 2025 11:13 مساءً
مصدرنا الإخبارى - بعد خلط كمية من الفحم مع بضع قطرات من حليب الماعز، يستدير باسران جوغي (60 عاما) حاملاً إبرته نحو ضيفتيه لهذا اليوم: طفلتان باكستانيتان جاءتا للحصول على أول وشم تقليدي لهما.
في القرى الهندوسية الواقعة على الحدود الشرقية لباكستان قرب الهند، ترسم نساء متخصصات في الوشم منذ قرون خطوطاً من النقاط ودوائر وزخارف هندسية أخرى على وجوه الفتيات وأذرعهنّ وأياديهنّ.
تقول جوغي لصديقتها التي أمسكت بإبرة "أوّلا، نرسم خطّين مستقيمين بين الحاجبين، ثم نغرس الإبرة بين هذين الخطين برفق حتى يظهر الدم".
تظهر بوجا (6 سنوات) تعابير على وجهها تؤشر إلى أنها تتألم، في حين تبدأ النقاط بتشكيل دوائر ومثلثات على جبينها وذقنها.
تقول أختها الكبيرة تشامبا (7 سنوات) بحماسة "أنا مستعدة أيضا!".
أصبح هذا المشهد الذي لطالما كان مألوفا، نادرا بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة، مع تزايد عدد العائلات الهندوسية التي تنتقل إلى المدن، مع العلم أنّ هذه العائلات تُمثل 2% فقط من سكان جمهورية باكستان الإسلامية البالغ عددهم 255 مليون نسمة.
مميزون
تقول دورغا بريم (20 سنة)، وهي طالبة في الهندسة الحاسوبية من بادين التي تشكل بلدة في إقليم السند الجنوبي حيث تتركز الأقلية الهندوسية "هذه الوشوم تجعلنا مميزات وسط الحشود".
وتضيف لوكالة فرانس برس "لم يعد جيلنا يحبها. في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، تتجنّب الفتيات الصغيرات رسم وشوم على وجوههنّ لأنهنّ يعتقدن أن هذه الرسوم تُعتبَر مختلفة وغير جذابة".
رفضت شقيقتها مومتا رسم نقاط كالتي تُزين وجوه والدتهما وجدتيهما.
وتقول "لو بقينا في القرية، لربما كنّا سنحصل على هذه الوشوم على وجوهنا أو أذرعنا".
في بلد تؤكد فيه الأقليات غير المسلمة أنها تتعرض للتمييز في مناطق كثيرة، يقول موكيش ميغور، وهو ناشط في مجال حقوق الهندوس "لا يمكننا إجبار فتياتنا على الاستمرار" في رسم الوشوم.
ويضيف "إنه خيارهنّ. لكن للأسف، ربما نكون الجيل الأخير الذي يرى وشما على وجوه النساء وأعناقهنّ وأياديهن وأذرعهنّ"، مشيرا أيضا إلى التعليقات "السلبية" للمواطنين، إذ تحرّم بعض الأحكام الإسلامية الوشم.
يوضح علماء الأنتروبولوجيا أنّ ذلك سيُمثل نهاية ممارسة عمرها قرون، متجذرة في الثقافة.
يؤيد معظم الهندوس الذين قابلتهم وكالة فرانس برس الوشم، لكنهم يعترفون بعدم قدرتهم على تفسير معناه أو أصله.
طرد الأرواح الشريرة
يقول أحد علماء الأنتروبولوجيا هو ذو الفقار علي كالهورو "هذه الرموز جزء من ثقافة شعوب حضارة وادي السند"، خلال العصر البرونزي.
ويتابع "كانت هذه العلامات تُستخدم تقليديا لتمييز أفراد المجتمع ولطرد الأرواح الشريرة".
ترى جوغي أنّ الوشم هو قبل كل شيء "شغف" بتجميل وجوه النساء.
طفلة تحمل أكثر من وشم ضمن عادات وادي السند (أ ف ب)
تقول وهي تعاين وجهي بوجا وتشامبا الموشومين حديثا "لا نمارسها لسبب محدد، إنّها ممارسة قائمة منذ زمن طويل".
حاليا، أصبح لون النقاط التي تُزيّن جبينيهما أسود داكن؛ وسرعان ما سيتحوّل الوشم إلى الأخضر الداكن وسيبقى معهما حتى مماتهما.

باكستانيات يحتفظن بتقليد الوشم باعتباره عادة متوارثة (أ ف ب)
يشهد على ذلك كلّ من باسران جوغي وجامنا كولهي.
تقول كولهي (40 عاما) "رسمت لي صديقة طفولتي هذه الوشوم؛ توفيت قبل بضع سنوات".
وتضيف "عندما أنظر إليها، أتذكرها وأتذكّر أيام شبابنا. إنها ذكرى تدوم مدى الحياة".