نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صواريخ اليمن وصفقات التطبيع: هل تتحول استراتيجية "إسرائيل الكبرى" إلى وهم؟ - مصدرنا الإخبارى, اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025 02:45 مساءً
أحمد عبد الباسط الرجوب
بعد سنوات من حديث بنيامين نتنياهو عن مشروع "إسرائيل الكبرى" القائم على التفوق العسكري وإبقاء المنطقة العربية ضعيفة ومجزأة، يبدو أن هذه الرؤية تواجه اليوم واحدة من أخطر لحظاتها. فالمشهد لم يعد محصوراً في غزة ولبنان، بل تمدّد ليصل إلى اليمن وسوريا، وسط تحولات جيوسياسية تخلط الحسابات القديمة وتفرض معادلات جديدة.
(1)
الصاروخ اليمني: اختراق استراتيجي يعيد تعريف أمن الكيان الصهيوني
حادث الصاروخ الباليستي متعدد الرؤوس الذي أطلق من اليمن وأربك دفاعات "القبة الحديدية" ليس مجرد هجوم عابر، بل هو نقطة تحول نوعية. التحقيقات الصهيونية التي كشفت عنها الصحف العبرية تؤكد ذعراً حقيقياً في المؤسسة العسكرية. لم يعد الخطر مقصوراً على دقة التصويب فحسب، بل في القدرة التكنولوجية على تعطيل أعقد الأنظمة الدفاعية الأمريكية والإسرائيلية على حد سواء.
هذا الاختراق يحمل عدة دلالات استراتيجية:
1. تقليص الهيبة الردعية: فشل الدفاعات في اعتراض صاروخ قادم من مسافة آلاف الكيلومترات يرسل رسالةً واضحةً للفاعلين في المنطقة: حصانة الكيان الصهيوني لم تعد مطلقة.
2. توسيع دائرة التهديد: لم تعد "دولة الكيان الصهيوني" تواجه تهديدات محيطها المباشر فحسب، بل أصبحت ضمن مدى قوى إقليمية عززت من قدراتها خلال سنوات الصراع.
3. استنزاف مالي وأمني: إجبار " دولة الكيان الصهيوني " على تطوير أو شراء أنظمة دفاعية أكثر تطوراً لمواجهة هذا التهديد الجديد يعني استنزافاً اقتصادياً وأمنياً مستمراً.
(2)
الرد العاجز: الضرب في غزة كشف عن أزمة الرد الاستراتيجي
رد دولة الاحتلال الصهيوني المحدود على محطة كهرباء في غزة، والذي سعت من خلاله حكومة الاحتلال إلى تصويره على أنه "رد رادع"، يكشف في حقيقته عن فجوة أعمق بين الخطاب السياسي المتشدد والعجز الاستراتيجي. فبدلاً من التصدي للمصدر الفعلي للتهديد في اليمن، الذي يُعتبر هدفًا صعبًا وبعيدًا ومحميًا بموازين قوى إقليمية، اختارت " دولة الكيان الصهيوني " تفريغ غضبها واستعراض قوتها على هدف سهل ومألوف وهو قطاع غزة المحاصر.
هذه الاستراتيجية التعويضية لا تخدُم الردع، بل تعري أزمة القيادة الصهيونية التي تبحث عن أي انتصار إعلامي لتقديمه للداخل، حتى لو كان على حساب استمرار معاناة وتدمير شعب أعزل، مما يفقد الرد مصداقيته ويكشف عن ذعر حقيقي من مواجهة التهديدات الجديدة المتعددة المحاور حيث لم تعد قادرة على الرد بالمثل على كل الجبهات.
(3)
مفاوضات مع سوريا: تطبيع أمني قبل السياسي
التقارير عن مفاوضات أمنية بين إسرائيل وسوريا برعاية أمريكية وخليجية تثير تساؤلات حول محاولات إعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة. دولة الكيان الصهيوني تراهن على إبعاد دمشق عن إيران وخلق منطقة عازلة على حدودها الشمالية، لكن هذه المحاولات تصطدم بتعقيدات علاقة سوريا مع طهران وموسكو، ما يجعل أي اتفاق هشاً وقابلاً للانهيار.
الضغوط الأمريكية – الإسرائيلية لا تتوقف عند سوريا، بل تمتد إلى لبنان. الحديث عن نزع سلاح حزب الله عبر جدول زمني رسمي يثير مخاوف من إدخال لبنان في أزمة داخلية جديدة. أما في سوريا، فتطرح واشنطن أفكاراً لتقسيم السلطة وتفكيك المركزية، وهو ما يُقرأ كخطوة لتسهيل السيطرة على كيانات أضعف وأقل استقلالية.
(4)
المشهد القادم: حرب هجينة وصراعات مفتوحة
خريطة التوتر في المنطقة تبدو متجهة إلى مزيد من التعقيد:
1. في غزة، الحرب والحصار مستمران دون أن يحققا "النصر" لدولة الاحتلال الصهيوني.
2. في اليمن، هجمات جديدة قد تفتح جبهة يصعب السيطرة عليها.
3. في لبنان، الضغط على حزب الله قد يشعل أزمة حكم داخلية.
4. في سوريا، أي اتفاق أمني لن يكون مستقراً على المدى البعيد.
(5)
خلاصة
لم تعد أدوات دولة الكيان الصهيوني التقليدية قادرة على فرض الهيمنة كما في السابق. صواريخ اليمن كشفت هشاشة الحصانة الأمنية، صفقات التطبيع تصطدم بعقبات، ومشاريع التفكيك تزرع بذور أزمات مستقبلية.
اليوم يبدو أن مشروع "إسرائيل الكبرى" يقترب من أن يتحول إلى مجرد وهم سياسي، بينما المنطقة تدخل مرحلة جديدة من التوازنات والصراعات لم تكن في حسابات أحد.
كاتب وباحث استراتيجي – الأردن
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : صواريخ اليمن وصفقات التطبيع: هل تتحول استراتيجية "إسرائيل الكبرى" إلى وهم؟ - مصدرنا الإخبارى, اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025 02:45 مساءً
0 تعليق