د. جودت مساعدة يكتب عن الوظيفة العامة وبرنامج التحول الاقتصادي - مصدرنا الإخبارى

منوعات 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
د. جودت مساعدة يكتب عن الوظيفة العامة وبرنامج التحول الاقتصادي - مصدرنا الإخبارى, اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025 06:55 مساءً

مصدرنا الإخبارى - جو 24 :

كتب المحامي الدكتور جودت مساعدة - 

فالوظيفة العامة ليست شكلاً من أشكال المعونة الاجتماعية ولا تنتهي بانتهاء علاقة الموظف بالدولة، والموظف هو عقل الدولة وقلبها النابض ويدها التي تعمل وعينها التي لا تنام، فإذا صلح الموظف صلحت الدولة، واذا وهن وهنت الدولة. وكرامتها هي من هيبة موظفيها لان الإدارة اطمئنان وعدالة، فإذا اطمأن المواطن للموظف بمختلف مستوياته وتسمياته زاد انتماؤه الوطني وحبّه لوطنه، وتبقي الوظيفة بعد استقالته او تقاعده أو وفاته وهي امانة يحملها القادرون ويرد عنها المغمورون العاجزون، وإنها خدمة عامة وغايتها وهدفها تسيير المرافق العامة بالدولة من خلال تعيين موظفين للقيام بمهامها ومسؤولياتها، وإن الموظف للوظيفة وليست الوظيفة للموظف، وان فاعلية النشاط الحكومي لا يتم إلا من خلال موظفي الدولة وقدرتهم على تقديم الخدمات بكفاءة واقتدار في جميع مرافق الدولة، وهذا يتوقف على كفاءة الموظف ونزاهته. 

وإن صلاح الدولة مرهون بصلاح موظفيها، والمحافظة على هيبة الدولة لا تتمّ إلا من خلال أمور كثيرة من بينها المحافظة على هيبة ووقار الوظيفة العامة والقائمين عليها، ولا قيمة للوظيفة بدون الموظف، إذ أن الموظف هو أداة الوظيفة ووسيلتها، ويتفرغ للقيام بمهامها ومسئولياتها، وإن عمله ليس بالمجان او تبرعاً، ويتطلب هذا التفرغ حصول الموظف على حقوق وظيفية عديدة من بينها حقوقه المالية وفي مقدمتها الراتب والذي هو ركن مهم وركيزة الأمن الوظيفي للموظف، وان الراتب هو حقّ للموظف الذي على رأس عمله وليس صدقة، كما أنه يدفع للشيخ راتب تقاعدي لقاء ما قدم وادخر لدى الدولة في شبابه وحق للطفل كقرض في حاضره يسدده مستقبلاً، وحق للعاجز يدفع بمقتضي صناديق التقاعد والتأمينات الاجتماعية، ويستطيع الموظف براتبة ومن خلاله وبه اشباع حاجاته ومتطلباته ومتطلبات اسرته، ويعتبر الراتب المنصف من بين أدوات تحصين الموظف ومناعته من انتقال الأمراض الوظيفية وجراثيمها اليه، ومن المفروض ان يكفي له ولعائلته ليعيشوا حياة كريمة به طيلة حياته الوظيفية وبعد انتهاء او انهاء علاقته الوظيفية بالدولة، لان كرامة الوظيفة وهيبتها لا تنفصل عن كرامة وهيبة الموظف، ولا تحقق الإدارة الفاعلية الا بتحقيق أمور ومتطلبات عديدة من بينها رعاية الموظف وحمايته من العسف والتعسف وتحقيق الأمن النفسي والوظيفي له ولأفراد عائلته واطمئنانه على حقوقه ويومه وغده ومستقبله لخلق الولاء الوظيفي لديه، وبدون تحقيق ذلك لا يكون بمقدور الإدارة تحقيق واشباع حاجات ورغبات المواطنين والتي هي في مقدمة مهامها ووظائفها وواجباتها، ويتطلب لتحقيق ذلك توفير الراحة النفسية للموظف ليزيد من عطائه وتفانيه لعمله وذلك تطبيقاً للقاعدة الفقهية لا يقضي القاضي وهو جوعان وتنطبق هذه القاعدة على جميع موظفي الدولة بتسمياتهم ودرجاتهم المختلفة. 

ويمكن القول انه يتعذر على الإدارة النهوض بواجباتها في غياب توفير الامن الوظيفي للموظف بمعناه الشامل وتحقيق مبدأ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ، إذ لا يمكن لها تحقيق ذلك من خلال موظفين محبطين ومقهورين ومظلومين ومهمشين وغير حاصلين على حقوقهم او يشعرون في غياب العدالة والمساواة وتغليب الواسطة والجهوية والمناطقية والشللية ، حيث ان الموظف المظلوم او المحبط او المقهور او المسلوب الحقوق اشد خطراً على الدولة من اعدائها في الخارج.

ان الوظيفة العامة تحتاج لإصلاحها وتطويرها الى سياسات وخطط واضحة المعالم ووقت كافٍ ومبرمج ومعقول يقوم بإعداده وتنفيذه اشخاص مؤهلين قادرين على إعادة هيبة الدولة وثقة المواطنين فيها، وذلك بعد ان يتم اعداد وتهيئة البنية التحتية لعملية وتشخيص المشاكل والامراض الوظيفية ومعرفة أسبابها وتحديد الأدوات والأساليب الوقائية والعلاجية لها، والتي يجب ان تكون هذه الأدوات من بين الموظفين الذين تتوافر لديهم الكفاءة والمعروف عنهم النزاهة والانتماء والحياد الوظيفي، ويكون هدفهم خدمة الوطن اولاً وعاشراً مع الإشارة الى ان التغيير لا يتم بقانون فحسب، بل لا بد ان يصاحب ذلك تغيير وتعديل في العقليات والاذهان والنفوس والسلوك سواء بالنسبة للمخاطبين بالقانون او القائمين على تطبيقه، وانه لا قيمة لأية تشريعات او سياسات او برامج او خطط توضع لحل هذه المشاكل اذا لم تكن قابلة للتطبيق والتنفيذ يتم البدء بالعمل بها وتفعليها وتطبيقها او كانت ادواتها عاجزة ومترهلة وغير قادرة على تحقيق ذلك، كما يجب لكل من يتصدى لعملية الإصلاح للوظيفة العامة والتي هي مهمة وطنية مقدسة ان يكون موضع اطمئنان وثقة لدى الجميع وان يكون ذو ماضٍ نظيف ومن أصحاب الأكف النظيفة الطاهرة وبعيداً عن الشللية والجهوية والقبلية والطائفية والتأثيرات بأشكالها وانواعها وصورها المختلفة، وان يعمل من خلال الوسائل والأدوات القانونية على استئصال الامراض الخبيثة والمؤثرة في مؤسساتنا الحكومية، وهي الواسطة والمحسوبية والتخطي والتجاوز بالترفيعات والقهر الوظيفي والتعسف بالتنقلات والتعامل معها بشكل انتقائي وانتقامي وغيرها، وان لا ينحني الا للوطن والقانون وان يتم العمل بجدية وبقوة وبثقة للتخلص من ظاهرة الفساد والفاسدين بالوظيفة العامة بعدالة، حيث ان اشد أنواع الفساد التي يمارسها البعض ليس تزييف الفواتير بل تزييف الآراء وتزيين القبيح وتشوية الجميل تزلفاً وتقرباً للرئيس او الرؤساء وذلك طمعاً في المزيد من المال او الجاه وهذا النوع من الفساد الأخلاقي المستشري بالوظيفة العامة على مختلف درجاتها بما في ذلك ممن يرفعون رايته يحصلون على مكافاة لا مكافحة ولا ملاحقة قضائية. 

وان الفساد بالرأي المزور اشد خطراً وخطورة من الفساد بالمال ويتوجب مكافحة هذا النوع قبل مكافحة الفساد المالي وتطبيق اخلاقيات وسلوكيات الوظيفة العامة حقاً وصدقاً وترتيب جزاءات رادعة على من يخرج عليها ويرتكب الخطايا والآثام بحق الوظيفة والمجتمع على حد سواء كما لا بد من الإشارة الى ان بعض القادة الاداريون يختارون مرؤوسين اقصر منهم ليظهرو في جانبهم بحجم العملاق ويطمئنون للموظفين الصغار بتصرفاتهم واخلاقهم ولا يطيقون ولا يتقبلون الموظفين الكبار بأخلاقهم وجدارتهم ويستريحون لكل صغير ووضيع ويبعدون كل موظف كفو فاذا شغرت وظيفة كبيرة بحثوا عن اضعف المرشحين فاختاروه لها لأنه باعتقادهم ان الاكفياء خطر عليهم وان الصغير والوضيع يحميهم من كشف خطاياهم وآثامهم ولا يشكل خطراً عليهم بل يتستر على عوراتهم وخطاياهم .

أخيراً، لا بد من التأكيد على أنه يجب أن تستند الوزرات والمؤسسات والدوائر الحكومية الى إدارات قانونية ومستشارين قانونين اكفياء من المحامين المشهود لهم بالانتماء والنظافة والعدالة يتم اختيارهم بموضوعية وحيادية، وكذلك رقابة داخلية كفؤة وحيادية، وان يتم التوقف عن التصفيات للموظفين الأكفياء والابتعاد عن إصدار القرارات الظالمة والانتقائية والانتقامية، وبذات الوقت التخلص من الترهلات الإدارية والامراض الوظيفية التي تنخر مفاصل متعددة بالدولة وهذا يحتاج الى تنظيف وتطهير أجهزة الدولة من القيادات غير الكفؤة او المنحرفة او المتسلقة او حملة المباخر والتي وصلت الى مواقعها في جنح الظلام وبطرق ملتوية واستبدالها بقيادات كفؤة ومخلصة تعيد الروح الى الجسم الإداري للدولة والذي نهشته وتنهشه الأمراض الأوبئة الوظيفية والتركيز على النوع وليس على العدد، وهذا لا يتحقق الا من خلال مراجعة ملفات الموظفين وإعادة تقييم أدائهم وانجازاتهم وذلك على اختلاف درجاتهم ومسمياتهم الوظيفية بحيادية ومهنية وتطبيق قاعدة الثواب والعقاب على الجميع وبعدالة وبدون استثناء، وصولاً الى إدارات كفؤة ورشيقة وعادلة والتي تعكس الصورة الحقيقية للدولة ويتولد عنها تجذير الولاء والانتماء الوطني والشعور بالاطمئنان لدى الجميع رؤساء ومرؤوسين ومواطنين ومستثمرين وغيرهم، وان تخضع جميع اعمالها لرقابة القضاء والذي هو عنوان سيادة الدولة وأمنها وقوتها وهيبتها. 

إن ما ذكرته آنفاً هو أحد مفردات ومرتكزات برنامج رؤية التحديث الاقتصادي والتي من بين غاياتها تشجيع الاستثمار من حيث استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتوطين الاستثمارات القائمة وهذا لن يتم تحقيقه الاَ من خلال إدارات كفؤة تقوم بتنفيذ هذا البرنامج من خلال ادواتها والتي من أهمها الموظف العام وبتقديري ان دولة رئيس الوزراء يدرك ويعرف ما اشرت اليه آنفاً بدليل زياراته وجولاته الميدانية في جميع محافظات المملكة واجتماعه الذي تم مؤخراً مع الأمناء والمدراء العامين في الوزارات والمؤسسات الحكومية والذي يهدف من ذلك اصلاح وتحديث وتطوير وترشيق أداء القطاع العام بالدولة.

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : د. جودت مساعدة يكتب عن الوظيفة العامة وبرنامج التحول الاقتصادي - مصدرنا الإخبارى, اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025 06:55 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق