لماذا فشلت العقوبات على روسيا في وقف حرب أوكرانيا؟ - مصدرنا الإخبارى

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا فشلت العقوبات على روسيا في وقف حرب أوكرانيا؟ - مصدرنا الإخبارى, اليوم الثلاثاء 26 أغسطس 2025 06:15 صباحاً

مصدرنا الإخبارى - "أنا غير راضٍ عن أيّ شيء يتعلق بتلك الحرب "... هذا ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الحرب الأوكرانية بعد جهود ديبلوماسية حثيثة قادها لإنهائها ولكنها لم تفلح على ما يبدو.

وهدّد ترامب روسيا مرة أخرى بـ"عقوبات شديدة" ما لم يتم التوصل إلى اتفاق في غضون أسبوعين تقريباً. وفي ظل تهديداته، تتجدّد النقاشات بشأن فعالية هذه السياسة، خاصة بعدما أظهرت التجربة الروسية أن العقوبات، رغم شدتها، لم تمنع موسكو من مواصلة حربها على أوكرانيا.

لا تأثير حاسم
بعد سنوات من الغزو، واصلت موسكو حربها على أوكرانيا، ولم ينهَر اقتصادها، رغم أنها من أكثر الدول خضوعاً للعقوبات في العالم. وبحسب تقرير لـ"نيويورك تايمز"، كشفت روسيا عن تعقيدات جديدة لسلاح العقوبات وأظهرت كيف يمكن لدولة خاضعة لعشرات آلاف القيود أن تجد مسارات بديلة لتغذية اقتصادها وتمويل حربها في أوكرانيا.

منذ اندلاع الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022، فرضت الولايات المتحدة أكثر من 6 آلاف عقوبة على أفراد وشركات مرتبطة بالمجهود الحربي الروسي.

ورغم أن هذه الإجراءات صُممت لعزل موسكو عن النظام المالي العالمي وإجبارها على التراجع، واصل الاقتصاد الروسي نشاطه التجاري بمئات المليارات من الدولارات.

وفي هذا الصدد، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة قناة السويس ورئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية الدكتور جمال زهران لـ"النهار": "أرى أن التهديدات وفرض العقوبات من طرف واحد تُعدّ انتهاكاً للقانون الدولي، لكنني أعتقد أن هذه القرارات فاشلة، وجميع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الدول لم تُحقق أهدافها".

ويوضح زهران: "العقوبات على إيران وفنزويلا، مثلاً، قد يكون لها تأثير اقتصادي محدود لكنّها لم تُؤدِّ إلى تغيير جذري".

 

وكشفت "نيويورك تايمز" أن الجزء الأكبر من العقوبات طال شركات صغيرة وأفراداً، بينما لم تُستهدف سوى حفنة محدودة من المؤسسات المالية الكبرى، ما أبقى على قنوات مالية مفتوحة سمحت لروسيا بالالتفاف على الحظر.

وقد وجدت روسيا في الصين والهند نافذة اقتصادية لتسويق مواردها، خصوصاً الطاقة، وقد سمحت شراكات مالية وتجارية مع بنوك ومنصات دفع آسيوية بمرور مليارات الدولارات بعيداً عن أعين الخزانة الأميركية.

ومن أبرز الأمثلة بنك "في تي بي" الروسي، الذي رغم فصله عن نظام التحويلات العالمية "سويفت"، تمكن من فتح قنوات بديلة عبر منصّة الدفع الصينية "آلي باي"، ما سمح بتحويل الأموال بالروبل إلى النظام المالي الدولي بشكل غير مباشر.

وحذّر خبراء مثل مارتن تشورزيمبا، الباحث في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، من أن استهداف بنك صيني كبير قد يؤدي إلى شلل في سلاسل التوريد العالمية، وارتفاع أسعار السلع على المستهلك الأميركي نفسه.

ويقول زهران لـ"النهار": "قوة الاقتصاد الروسي مكّنته من تحمّل هذه العقوبات، بل تجاوزها وإفشالها. والدليل على ذلك أنه، مع عودة ترامب إلى البيت الابيض، أُعلن عن سياسات جديدة، واضطر للتجاوب مع روسيا، ما يعكس فشل محاولات العقوبات السابقة. حتى إن المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة توقيف بحق بوتين، لم تمنع ترامب من مقابلته في ألاسكا".

 

جندي ينظر إلى صور زملائه الذين سقطوا في -جدار ذكرى الشهداء من أجل أوكرانيا - في يوم استقلال أوكرانيا، كييف، 24 آب، (ا ف ب).

 

الحرب مستمرة

بدورها، أفادت قناة "بي بي سي" بأن القتال في ساحة المعركة والدمار والحطام في أوكرانيا يظهر أن العقوبات على روسيا "لها تأثير محدود".

وأشار مكتب المدعي العام في منطقة خاركيف للقناة البريطانية إلى نسخة روسية من طائرة "شاهد" الإيرانية بدون طيّار، ذاكراً أن روسيا قد أطلقت أخيراً مئات منها على بلدات ومدن أوكرانيا. وقال المكتب إنها رخيصة نسبياً، إذ تبلغ تكلفة كل منها نحو 20 ألف دولار.  لكنه أيضاً أشار إلى حطام صاروخ كروز روسي قريب قال إن تكلفته تصل إلى ملايين الدولارات.

وأفاد المكتب بأن هذه الأسلحة ليست روسية الصنع بالكامل، فهي تحتوي على "العديد من المكوّنات من دول غربية"، مشيراً إلى "قدرة روسيا على التحايل على العقوبات".

ويقول الكاتب السياسي سام منسى، لـ"النهار"، إن "العقوبات ليست سياسة فاشلة بشكل مطلق، لكن العقوبات التي تتبعها إدارة ترامب تجاه روسيا هي بالتأكيد فاشلة".
ويضيف منسى: "موقف إدارة ترامب عموماً من الحرب الأوكرانية أضعف الموقف الأوروبي وأوكرانيا، وأعطى أوراقاً إضافية لبوتين".

ويتابع: "إذا استمرت السياسة الأميركية على ما هي عليه تجاه أوكرانيا، وخاصة مع الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، والموقف من المساعدات العسكرية والمالية المقدمة لأوكرانيا، بالتأكيد لن تكون العقوبات هي أداة الضغط المطلوبة لجذب بوتين إلى طاولة المفاوضات بطريقة معقولة".


جولات من العقوبات
وبالفعل، واجهت روسيا عدة جولات من العقوبات والقيود الغربية منذ غزوها لأوكرانيا في العام 2022، التي وجهت ضربات قاسية لصناعة النفط والغاز العملاقة في البلاد، ما أدى إلى استنزاف إيراداتها الحيوية وإعادة تشكيل أسواق الطاقة العالمية، بحسب تقرير لـ"رويترز".

ويمثّل الغاز الروسي الآن 18% فقط من واردات أوروبا، بعدما كان 45% في العام 2021، بينما انخفضت واردات الاتحاد الأوروبي من النفط الروسي إلى 3% من حوالي 30% خلال تلك الفترة.

في الوقت نفسه، زادت الهند حصتها من النفط الخام الروسي إلى 38% من إجمالي الواردات من 16% في عام 2021.

وفي موازاة ذلك، أفاد تقرير "رويترز" بأن من غير المرجح أن تتأثر أسواق النفط والغاز بتداعيات المحادثات الديبلوماسية بشأن أوكرانيا لأن السلام الكامل يبقى أمراً مستبعداً للغاية، واستبعد عودة العلاقات بين روسيا والغرب إلى طبيعتها في أي وقت قريب.

قد تشدد الولايات المتحدة العقوبات، ولا سيما باستهداف مشتري الطاقة الروسية. فالهند واجهت بالفعل رسوماً جمركية ثانوية على مشترياتها من النفط الروسي. وعلى الرغم من أن المشترين الهنود يبدو أنهم بدأوا بخفض مشترياتهم من النفط الروسي، زادت الصين وارداتها منه.

وفي نهاية المطاف، بكين هي الأكثر أهمية في هذا الشأن، ومن غير المرجح أن تقلص كثيراً وارداتها من النفط الروسي، لأسباب ليس أقلها أنها تعتبر علاقتها مع موسكو استراتيجية.

وتبلغ التعريفات الجمركية الأميركية على السلع الصينية بالفعل 55% في المتوسط، وفقاً لـ"معهد بيترسون" للاقتصاد الدولي. وقد تؤدي أي رسوم جمركية إضافية إلى ارتفاع التكاليف على المستهلكين الأميركيين، وقد تردّ الصين على ذلك ربما بحجب المعادن النادرة، وهي نتائج يريد ترامب تجنبها، وبكين تدرك ذلك.

رغم شدّتها واتساع نطاقها وتهديد ترامب بفرض المزيد منها، لم تُفلح العقوبات في إيقاف الحرب أو تغيير مسار موسكو، ما يثير تساؤلات جادة حول فعاليتها كأداة للضغط السياسي والاقتصادي... فهل يُعيد ترامب النظر في سياسته تجاه روسيا؟

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق