"دولة"... على بطاقات الدعوة فقط! #عاجل - مصدرنا الإخبارى

منوعات 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"دولة"... على بطاقات الدعوة فقط! #عاجل - مصدرنا الإخبارى, اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 12:59 مساءً

مصدرنا الإخبارى - جو 24 :

كتب أ.د محمد تركي بني سلامة - 

يبدو أن لقب "دولة" الذي يمنحه الدستور الأردني لرؤساء الحكومات، بات أثقل من أكتاف بعضهم، وأكبر من حجمهم بكثير. فالمناصب لا تصنع الرجال، ولا الألقاب تُنبت الهيبة في الصدور الفارغة. وكم من صاحب لقبٍ عظيم، تاه في التفاصيل الصغيرة، وتحول إلى مجرد اسم على بطاقة دعوة لحفل زفاف أو جاهة عائلية!

لقد أراد الملك حين منحهم اللقب أن يكونوا رجالاً للدولة حقاً، شركاء في إنجازاتها، وحماةً لخياراتها، وصوتاً عاقلاً في أزماتها. لكن بعضهم – ويا للمفارقة – ما إن غادر الكرسي حتى تحوّل إلى مهرّج سياسي، وناقد متفرغ، ومتباكٍ على الأطلال، وكأنه لم يكن بالأمس القريب صانع القرار ومالك القلم الذي خطّ التوجيهات ووقّع المراسيم.

أي دولة هذه التي يعاديها بعض "رجالها" بعد أن صنعت مجدهم، ورفعتهم على أكتافها، وفتحت لهم قصور القرار وأروقة النفوذ؟ وأي رجل دولة هذا الذي يكتشف فجأة أنه معارض شرس بعد أن تقاعد، وكأن الحكمة زارته متأخرة على باب المعاش؟!

المشهد أكثر ما يكون إلى كوميديا سوداء: "دولة" بالأمس، يوزع القرارات والتوجيهات؛ واليوم، خطيب مفوّه في الندوات، ينهال على الدولة بالنقد، وينصّب نفسه بطلاً من ورق. يتحدث عن الإخفاق وكأنه لم يكن شريكاً في صناعته، ويحلّل أسباب الفشل وكأن توقيعه لم يكن يوماً على قراراته!

من أفلس سياسياً ولم يبقَ في رصيده سوى الضجيج، فالأجدر به أن يتفرغ "للجاهات وخطوبة العرايس". هناك، على الأقل، دور محدد: الحضور، التباهي باللقب، التصفيق للعريس، والتقاط الصور التذكارية. هذا أنسب بكثير من التنظير الفارغ على المنابر، ومن جلد الدولة التي احتضنته وكرّمته. وعيب والله، بعد ما الواحد يطلع من الكرسي، يبلش يحكي وكأنه كان نازل من المريخ! يا زلمة، إنت كنت جزء من الطبخة، ما تساوي حالك ضيف شرف، والناس فاهمة اللعبة، وبتضحك عليك مش معك.

الدولة ليست مطعماً يخرج منه الزبون ساخطاً بعد أن شبع، وليست تاكسي يترجل منه الراكب ليشتم السائق. الدولة كيان مستمر، وأنت يا "صاحب الدولة" جزء من سجلها، إنجازاً كنت أو إخفاقاً. فلا تحاول غسل يديك بماء الندوات وصفحات الجرائد بعد أن اتسخت بفعل سنوات من المسؤولية.

ثم ما معنى أن يتمسك أحدهم بلقب "دولة" حتى النفس الأخير، بينما هو لا يلتزم بمقتضياته؟ اللقب مسؤولية ثقيلة، لا وساماً للزينة. وإذا لم يعد الرجل قادراً على أن يكون وفياً للدولة، مدافعاً عنها، فليكن على الأقل وفياً للقب الذي يحمله. وإن كان ثقيلاً عليه، فليعلّقه في صدر المجلس العشائري، أو ليحتفظ به على بطاقة الدعوة، حيث يليق به أكثر.

المؤسف أن بعض هؤلاء لا يدركون أن الألقاب لا تخلّد أحداً. ما يخلّد الرجال هو المواقف، والأمانة، والانتماء الصادق. كم من "دولة" عاش ومات، ولم يتذكره أحد، وكم من رجل عادي، بلا لقب ولا امتيازات، بقي في ذاكرة الناس عظيماً لأنه أحب وطنه وخدمه بصمت.

الساخر أن بعض "أصحاب الدولة" يظنون أن الأضواء التي انطفأت عنهم يمكن إشعالها مجدداً بنقد الدولة ومهاجمتها. لكن الحقيقة أن صوتهم لم يعد يثير إلا السخرية. الناس تعرف تماماً من كان في موقع القرار، ومن غادره مفلساً يبيع الكلام.

باختصار، إن لم يستطع "رجل الدولة" أن يكون وفياً للدولة، فليكن وفياً على الأقل لمسرح الأعراس. هناك مكان مناسب للقب "دولة": على منصة الجاهة، بين صحن المنسف وكرسي المعازيب. أما السياسة والشأن العام، فهي أكبر من أن تتحول إلى مسرحية هزلية يؤدي بطولتها متقاعد سياسي يبحث عن دور ثانوي في آخر العرض.

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : "دولة"... على بطاقات الدعوة فقط! #عاجل - مصدرنا الإخبارى, اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 12:59 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق