نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عدم المساواة الاقتصادية في الأردن: قراءة في المؤشرات وحدود البيانات #عاجل - مصدرنا الإخبارى, اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 09:57 مساءً
كتب وائل منسي -
تُجمع الأدبيات الدولية أن مستويات التفاوت الاقتصادي إذا تجاوزت حدودًا معيّنة فإنها تتحوّل إلى عائقٍ حقيقي أمام النمو والتنمية الشاملة.
في الأردن، يبرز موضوع عدم المساواة كملف حساس يرتبط بالعدالة الاجتماعية، والفرص الاقتصادية، والاستقرار الاجتماعي والسياسي، غير أن صعوبة الوصول إلى بيانات حديثة ومقارنة تجعل من أي تقييم دقيق تحديًا قائمًا بحد ذاته.
مستوى التفاوت: بين المؤشرات الرسمية والقراءات الأحدث
تشير آخر قيمة منشورة رسميًا على قاعدة بيانات البنك الدولي لمؤشر جيني في الأردن إلى 33.7 عام 2010/2011، وهو رقم يضع الأردن في خانة البلدان ذات التفاوت المنخفض نسبيًا مقارنة بالمتوسط العالمي (حوالي 36). لكن هذه القيمة تعود إلى أكثر من عقد مضى، ما يجعلها محدودة الفائدة في قراءة المشهد الحالي.
تحليل أحدث للبنك الدولي، استنادًا إلى مسح نفقات ودخل الأسر 2017/2018،؛ يكشف صورة أكثر واقعية: فمؤشر جيني على مستوى الدخل/الاستهلاك قبل السياسات المالية بلغ 35.1، لكنه ينخفض إلى حدود 29.3–29.5 بعد احتساب أثر الضرائب المباشرة والتحويلات الاجتماعية والخدمات العينية مثل التعليم والصحة.
هذه النتائج تؤكد أن السياسة المالية في الأردن، خصوصًا من خلال الخدمات العامة، قادرة على تقليص التفاوت بشكل ملموس (نحو 5.8 نقاط).
ورغم تنفيذ مسح 2022، إلا أن مسألة القابلية للمقارنة بينه وبين مسوح سابقة ما زالت قيد المراجعة، ولم تُنشر بعدُ أرقام جيني جديدة على نحو رسمي.
هنا تبرز الإشكالية؛ بينما تتراكم التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، تبقى القاعدة الرسمية للبنك الدولي متوقفة عند بيانات ما قبل "الربيع العربي”.
أثر الدعم الاجتماعي والسياسات المالية
يتضح أن الأردن لا يعتمد فقط على التحويلات النقدية المباشرة للحد من عدم المساواة، إذ تلعب الخدمات العينية في التعليم والصحة الدور الأبرز في تضييق الفجوات بين الطبقات. فبدون هذه الخدمات، ينخفض مؤشر جيني بنحو 2.6 نقاط فقط، بينما يصل الأثر إلى قرابة 6 نقاط عند إدماج كافة عناصر السياسة المالية. هذا يعكس أهمية استمرار الاستثمار في القطاعات الاجتماعية وعدم الاكتفاء بالتعويضات النقدية.
تفاوت جغرافي وجندري
لا يقتصر التفاوت في الأردن على بُعد الدخل العام، بل يتوزع جغرافيًا وجندريًا.
فالتباينات بين المحافظات أكبر من الفوارق بين الحضر والريف، في حين تعاني مجتمعات البادية ومخيمات اللاجئين من هشاشة مضاعفة، وعلى الجانب الآخر، تُظهر سوق العمل فجوة صارخة بين الجنسين،حيث تبقى مشاركة النساء؛ خاصة المتزوجات أو ذوات التعليم المحدود منخفضة جدًا مقارنة بالرجال.
حتى النساء من ذوات التعليم العالي، ورغم تقلّص الفجوة نسبيًا، لا يزلن يواجهن عراقيل بنيوية تحد من وصولهن إلى سوق العمل.
أين تكمن المعضلة؟
المفارقة تكمن في أن الأردن يمتلك منظومة بيانات متقدمة نسبيًا عبر مسوح نفقات ودخل الأسر (HEIS) التي تُجرى بشكل دوري، لكن هذه البيانات لا تُدمج سريعًا في القواعد الدولية المفتوحة مثل تلك التابعة للبنك الدولي. النتيجة: الباحثون وصنّاع السياسات في الداخل والخارج يضطرون للاعتماد على أرقام متقادمة لا تعكس الواقع الحالي.
هذا النقص في الشفافية والتحديث الدوري يُضعف القدرة على رسم سياسات دقيقة قائمة على الأدلة، ويترك مساحة للتقديرات الانطباعية بدلًا من التحليل العلمي.
لكن الأردن، بالمقارنة مع دول كثيرة، لا يعاني من مستويات تفاوت مرتفعة جدًا، بل تُظهر السياسات الاجتماعية أثرًا ملموسًا في الحد من اللامساواة.
لكن غياب تحديث دوري للبيانات الرسمية يخلق فجوة معرفية خطيرة، ويقلل من فرص صياغة سياسات قائمة على أدلة حديثة.
التحدي الحقيقي ليس فقط في إدارة التفاوت الاقتصادي، بل أيضًا في إدارة المعرفة حوله وضمان توفرها في الوقت المناسب لصانعي القرار والباحثين والمجتمع المدني.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : عدم المساواة الاقتصادية في الأردن: قراءة في المؤشرات وحدود البيانات #عاجل - مصدرنا الإخبارى, اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 09:57 مساءً
0 تعليق