نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بالنسبة إلى لبنان "اليونيفيل" مثل الجامعة العربية! - مصدرنا الإخبارى, اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025 04:45 صباحاً
مصدرنا الإخبارى - في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بدأ العمل بجدية على ملف التجديد لمهمة القوات الدولية "اليونيفيل" في الجنوب. وكما بات معلوماً، فإن المناخ المهيمن على المشاورات بين الدول الخمس الدائمة العضوية مختلف هذه السنة، والرياح تميل عملياً إلى البحث عن طريقة لإنهاء مهمة "اليونيفيل" بشكل نهائي، بعدما اقتنعت العديد من الدول أنها فشلت في أداء مهماتها أقله في العقدين الماضيين بين نهاية الحرب ما قبل الأخيرة في 2006 و 2023 مع "حرب الإسناد" التي أشعلها "حزب الله" وانتهت على النحو الذي نعرفه في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
فقط للتوضيح, كانت حرب 2006 هي الأخرى حرباً أشعلها "حزب الله " وورط فيها لبنان عنوة تحت شعارات تحرير أسرى في السجون الإسرائيلية، فقتل 1300 لبناني وجرح الآلاف وتسبب بدمار كبير وبخسائر مباشرة وغير مباشرة بلغت 10 مليارات دولار، وجرت استعادة مجموعة من الأسرى بتكلفة هائلة على اللبنانيين.
طبعاً، كالعادة جرى آنذاك تجاوز الحكومة والمؤسسات الدستورية والاختباء خلفها خلال التفاوض لإنهاء الحرب بعد 33 يوماً، ثم حوّل الحزب المذكور سلاحه صوب الحكومة وفريق 14 آذار موجهاً إليه اتهامات بالعمالة لإسرائيل وإلى ما هنالك من تهم ممجوجة ومكررة.
في حرب 2023 -2024 تصرف "حزب الله" بالطريقة عينها وتورط بالحرب وورط لبنان مباشرة للمرة الثانية خلال أقل من عقدين. لكن ما يهمنا نحن بالنسبة إلى موضوع القوات الدولية "اليونيفيل"، أن مهامها الجديدة تشكلت إثر الحرب بناء على القرار الصادر عن مجلس الأمن الرقم 1701 والذي نص على إقامة منطقة عمليات للقوات الدولية منزوعة من السلاح والمسلحين، ولكن خلال عقدين من الزمن ومن وجود القوات الدولية، قام "حزب الله" ببناء شبكة بنى تحتية عسكرية هائلة فوق الأرض وتحتها في كل مكان من المنطقة المشار إليها، وذلك تحت أنظار "اليونيفيل" والجيش اللبناني الذي لا نستبعد فرضية أن عدداً من ضباطه تواطؤوا مع الحزب لتسهيل ذلك وإخفائه عن أنظار القوات الدولية، كما أن التواطؤ كان يعشّش في قلب الحكومات اللبنانية المتعاقبة التي شكلت للحزب غطاء لمخالفة بنود القرارات الدولية. وبطبيعة الحال كانت المصالح السياسية والتخاصم بين القوى الرئيسية في البلاد و"حزب الله" أساس اللعبة طوال عقدين كاملين.
في مطلق الأحوال، فإن تقييم العواصم الأساسية المجرد لأداء قوات "اليونيفيل" سلبي جداً. حتى الدول التي تدافع عن التجديد تعرف تماماً أن المهمة فشلت في منع نشوب أي حرب، ولم تحل دون حصول خروقات من جانب الحزب المذكور وإسرائيل على حد سواء. وحاصرها "حزب الله" بنجاح طوال العقدين الماضيين، ولم يواكبها الجيش اللبناني وأجهزته في الجنوب بما يكفي لأداء مهامها بنجاح.
عملياً، تحولت القوات الدولية في الجنوب إلى بقرة حلوب استفادت منها دول لتمويل بعض من عديدها، والقوى مثل "حزب الله" وحركة "أمل" ومؤسساتهما البلدية والجمعيات التي تشكل واجهات لهما، تلك المهيمنة في منطقة الجنوب للاستفادة من جزء من إنفاقها وإنفاق جنودها على الأرض. بمعنى آخر كانت الحاجة إلى "اليونيفيل" اقتصادية أكثر مما كانت أمنية. فلما قرر الحزب شن حرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، لم يستأذن لا الدولة التي كانت متواطئة معه، ولا "اليونيفيل" التي كان دورها صوَرياً. وفي الحرب الأخيرة تبين مدى الحرية التي كان "حزب الله" يتحرك بها على مرأى من القوات الدولية...
لقد كانت تجربة "اليونيفيل" منذ نهاية حرب 2006 سلبية وغير مجدية إلى درجة أننا سمعنا من بعض الديبلوماسيين الغربيين وصفاً لها بأنها "القوة الدولية الأقل إنجازاً" فيما عدا العلاقات العامة. وبطبيعة الحال لا يعفي كلامنا هذا إسرائيل من دورها في تفريغ "اليونيفيل" من معناها وجدواها.
وفي المحصلة الأخيرة يمكن التوصل إلى استنتاج مفاده أن مصالح إسرائيل و"حزب الله" تقاطعت على تجويف مهمة القوات الدولية في جنوب لبنان. كلا الطرفين قام بما عليه لتعطيل مهمة "اليونيفيل"، ولجعلها من الناحية العملية رهينة بين الطرفين اللذين احترما التزاماتهما بما يتعلق بالهدنة غير المكتوبة بعد 2006، لكنهما كانا يحضّران للحرب بعد أعوام.
بالنسبة إلى لبنان ثمة تقليد لبناني بالهرولة نحو الأمم المتحدة، حتى لو لم تكن فاعلة ومنتجة، لكن الحقيقة أن بقاء قوات "اليونيفيل" لن يقدم أو يؤخر في الواقع في جنوب لبنان؛ فكلا الطرفين سيتجاوزانها في حال أرادا الذهاب إلى حرب جديدة. أكاد أقول إن "اليونيفيل" بالنسبة إلى لبنان صارت حاجة تماماً مثل الحاجة إلى منظمة غير ذات جدوى مثل الجامعة العربية!
0 تعليق